وتسمى سورة المطففين، نزلت بين مكة والمدينة في مهاجرته صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة فاستتمت بالمدينة، هي ست وثلاثون آية، مائة وتسع وتسعون كلمة، سبعمائة وثمانون حرفا
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) أي شدة العذاب للناقصين في المكيال والميزان بالشيء القليل على سبيل الخفية.
روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قدم المدينة، وكان أهلها من أخبث الناس كيلا، فنزلت هذه الآية، فأحسنوا الكيل بعد ذلك.
بواحد ويعطي بآخر فنزلت:
الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) أي إذا اكتالوا من الناس مكيلهم بحكم الشراء ونحوه، يأخذونه وافيا وافرا حسب ما أرادوا بأي وجه تيسر من وجوه الحيل، وكانوا يفعلونه بكبس المكيل وتحريك المكيال، والاحتيال في ملئه. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) ، أي وإذا كالوا مكيلهم أو وزنوا موزونهم للبيع ونحوه ينقصون في الكيل والوزن. ويروى عن عيسى بن عمر وحمزة أنهما كانا يجعلان الضميرين توكيدا لما في كالوا ووزنوا، ويقفان عند الواوين وقيفة يبينان بها ما أرادوا، أي إذا كالوا هم لغيرهم، أو وزنوا هم لغيرهم ينقصون، وإثبات الألف قبل هم لو لم يكن معتادا في زمان الصحابة لمنع من إثباتها في سائر الأعصار، أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أي ألا يوقن أولئك المطففون بالكيل والوزن أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) أي شديد هوله، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ من قبورهم لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) ، أي لحكمه.
روي عن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه»
. وقرئ «يوم» بالنصب والجر، فالنصب منصوب بقوله تعالى: مَبْعُوثُونَ، أو بإضمار أعني والجر بدل من «يوم عظيم» ، أو هو حالة النصب مبني على الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين، فهو مرفوع المحل خبرا لمبتدأ مضمر، أو مجرور المحل بدلا من «يوم