وتسمى سورة الأعمى، وسورة السفرة. مكية، إحدى وأربعون آية، مائة وثلاث وثلاثون كلمة، خمسمائة وثلاثة وثلاثون حرفا
عَبَسَ أي كلح النبي وجهه. وقرئ بالتشديد للمبالغة، وَتَوَلَّى (١) أي أعرض بوجهه لأجل أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) اسمه عبد الله ابن أم مكتوم، وهو عبد الله بن شريح بن مالك الفهري، وأم مكتوم كانت أم أبيه، واسمها عاتكة بنت عامر المخزومي، وهو ابن خالة خديجة بنت خويلد، أسلم قديما بمكة، أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعنده صناديد قريش: عتبة، وشيبة- ابنا ربيعة- وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم فقال له: يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله، وكرر ذلك، فكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطعه لكلامه، وعبس، وأعرض عنه، فنزلت هذه الآية،
فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكرمه ويقول إذ رآه:«مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ويقول له: «هل لك من حاجة؟»
«١» وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أي أيّ شيء يجعلك يا أشرف الخلق داريا بحال هذا الأعمى حتى تعرض عنه، لعله يتطهر بما يقتبس منك من الإثم، أو يتعظ، فتنفعه موعظتك، إن لم يبلغ درجة التطهر التام.
وقرأ عاصم بنصب «فتنفعه» على جواب «لعل» ، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) عن الإيمان والقرآن بماله من المال فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) أي تقبل عليه بوجهك وتميل إلى كلامه.
وقرأ نافع وابن كثير بتشديد الضاد وقرأ أبو جعفر بضم التاء، أي فأنت يدعوك داع إلى التصدي له من الحرص على إسلامه وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) و «ما» إما نافية، والجملة حال من ضمير «تصدى» ، أي والحال أنه ليس عليك بأس في عدم تطهره من الشرك بالإسلام، وإما استفهامية للإنكار أي وأيّ شيء عليك في كونه لا يتطهر من دنس الكفر، وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨)