للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين كفروا هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) أي الكاملون في الغبن قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أبي سفيان وأصحابه أي قل يا أشرف الخلق لأجلهم: إِنْ يَنْتَهُوا عن الكفر وعداوة الرسول صلّى الله عليه وسلّم يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ من الذنوب

قال صلّى الله عليه وسلّم: «الإسلام يجب ما قبله»

«١» وَإِنْ يَعُودُوا إلى الكفر ومعاداة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أي وإن يرتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ويرجعوا للكفر وقتال النبي ننتقم منهم بالعذاب فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) أي لأنه قد سبقت سيرة الأولين الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتدمير كما جرى على أهل بدر وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ أي قاتلوا كفار أهل مكة لئلا توجد فتنة فقد خرج المسلمون إلى الحبشة وتآمرت قريش أن يفتنوا المؤمنين بمكة عن دينهم حين بايعت الأنصار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيعة العقبة، وليكون الدين كله لله في أرض مكة وما حولها لا يعبد غيره فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر وسائر المعاصي بالتوبة والإيمان فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) أي عالم لا يخفى عليه شيء يوصل إليهم ثوابهم وَإِنْ تَوَلَّوْا عن التوبة والإيمان فَاعْلَمُوا يا معشر المؤمنين أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ أي حافظكم ورافع البلاء عنكم نِعْمَ الْمَوْلى أي الولي بالحفظ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) لا يغلب من نصره وكل من كان في حماية الله تعالى كان آمنا من الآفات مصونا عن المخوّفات، والمعنى وإن تولوا عن الإيمان فلا تخشوا بأسهم لأن الله مولاكم

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أي واعلموا يا معشر المؤمنين أن الذي أصبتموه كائنا من شيء قليلا كان أو كثيرا، فواجب أن لله خمسه بمعنى أنه تعالى أمر بقسمته على هؤلاء الخمسة فذكر الله للتعظيم. وقوله: إن لله خمسه خبر مبتدأ محذوف أي فكون خمسه لله واجب وهذه الجملة خبر ل «أن» وَلِلرَّسُولِ أما بعد وفاته فيصرف سهمه إلى مصالح المسلمين عند الشافعي. وقال أبو حنيفة: سهمه ساقط بسبب موته.

وقال مالك: مفوض إلى رأي الإمام وَلِذِي الْقُرْبى أي ولقرابة النبي صلّى الله عليه وسلّم من بني هاشم وبني المطلب دون من عداهم من أغنيائهم وفقرائهم يقسم الخمس بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وَالْيَتامى أي الذين مات آباؤهم وهم فقراء غير يتامى بني عبد المطلب وَالْمَساكِينِ أي ذوي الحاجة من المسلمين وَابْنِ السَّبِيلِ أي المحتاج في سفره ولا معصية بسفره إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا محمد صلّى الله عليه وسلّم من الآيات والملائكة والفتح يَوْمَ الْفُرْقانِ أي يوم بدر سمي به لفرقه بين الحق والباطل، وهو منصوب ب «أنزلنا» أو ب «آمنتم» يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أي الفريقان من المسلمين والكافرين وهو بدل من يوم الفرقان أو منصوب بالفرقان. والمعنى إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزّل على محمد يوم بدر فاعلموا أن خمس الغنيمة مصروف إلى هذه الوجوه الخمسة فاقطعوا أطماعكم عنه واقنعوا بالأخماس الأربعة وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١) يقدر


(١) رواه السيوطي في الدر المنثور (٣: ١٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>