أي ولا مانع من إهلاك الله لهم بعد ما خرجت من بينهم وحالهم يمنعونك والمسلمين عن الطواف ببيت الله يوم الحديبية وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ أي والحال أنهم ما كانوا أولياء المسجد وهذا رد لقولهم: نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ أي ما أولياء المسجد إلا الذين يتحرزون عن المنكرات كما كانوا يفعلونه عند البيت من المكاء والتصدية، ومن كانت هذه حاله لم يكن وليا للمسجد الحرام بل هم أهل لأن يقتلوا بالسيف ويحاربوا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) أنه لا ولاية لهم عليه وَما كانَ صَلاتُهُمْ أي عبادتهم عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً أي صفيرا وَتَصْدِيَةً أي تصفيقا أي ما كان شيء مما يعدونه عبادة إلا هذين الفعلين.
قال ابن عباس: كانت قريش يطوفون بالبيت عراة مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون بإحدى اليدين بالأخرى فَذُوقُوا الْعَذابَ أي عذاب السيف يوم بدر بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) بالقرآن وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن دينه.
قال مقاتل والكلبي: نزلت هذه الآية في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا من كبار قريش أبي جهل وأصحابه يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزر. وقال سعيد بن جبير ومجاهد: نزلت في أبي سفيان وكان استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب وأنفق فيهم أربعين أوقية، والأوقية اثنان وأربعون مثقالا، وأخرج ابن إسحاق عن مشايخه أنها نزلت في أبي سفيان ومن كان له في العير من قريش تجارة فَسَيُنْفِقُونَها أي أموالهم ثُمَّ تَكُونُ أي الأموال عَلَيْهِمْ
حَسْرَةً
أي ندامة لفواتها وفوات قصدهم من نصرتهم على محمد ثُمَّ يُغْلَبُونَ آخر الأمر وَالَّذِينَ كَفَرُوا أي أصروا على الكفر أبو جهل وأصحابه إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) أي يساقون يوم القيامة لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ أي ليميز الله الفريق الخبيث من الكفار من الفريق الطيب من المؤمنين و «اللام» متعلقة ب «يحشرون» أو ب «يغلبون» ، أو المعنى ليميز الله نفقة الكافر على عداوة محمد من نفقة المؤمن في جهاد الكفار كإنفاق أبي بكر وعثمان في نصرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
وقرأ حمزة والكسائي: ليميز بضم الياء الأولى وفتح الميم وتشديد الياء المكسورة وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ أي ويجعل الفريق الخبيث بعضه على بعض فَيَرْكُمَهُ أي فيجمعه جَمِيعاً لفرط ازدحامهم فَيَجْعَلَهُ أي يطرحه فِي جَهَنَّمَ. وقيل: المعنى يضم الله تعالى تلك الأموال الخبيثة بعضها إلى بعض فيلقيها في جهنم ويعذبهم بها أُولئِكَ أي