رَحْمَةٌ أي نعمة عظيمة مِنْ رَبِّي على جميع الخلق فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي أي وقت وعد ربي بخروج يأجوج ومأجوج جَعَلَهُ أي هذا السد دَكَّاءَ بالمد أي أرضا مستوية. وقرئ «دكا» أي مكسورا حتى يصير ترابا وَكانَ وَعْدُ رَبِّي بخروجهم وقت قرب الساعة حَقًّا (٩٨) أي صدقا وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ أي صيرنا بعض يأجوج ومأجوج يوم خروجهم من السد يختلط ببعضهم الآخر من شدة الازدحام عند خروجهم لكثرتهم، وذلك عقب موت الدجال فينحاز عيسى بالمؤمنين إلى جبل الطور فرارا منهم.
روي أنهم يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر ومن ظفروا به من الناس ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس ولا يصلون إلى من تحصن منهم بورد أو ذكر ويحبس نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار فيتوجهون إلى الله تعالى بالدعاء فيسلط الله تعالى دودا في أنوفهم أو آذانهم فيموتون به، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلّا ملأه رممهم ونتنهم، فيتوجه نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله تعالى فيرسل سبحانه وتعالى عليهم طيرا فتلقيهم في البحر، ثم يرسل مطرا يغسل الأرض حتى تصير كالمرآة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الغنم والإبل حتى إن اللقحة لتكفي الجماعة الكثيرة فبينما هم كذلك إذ بعث الله تعالى عليهم ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة وَنُفِخَ فِي الصُّورِ نفخة ثانية للبعث فَجَمَعْناهُمْ أي يأجوج ومأجوج وغيرهم جَمْعاً (٩٩) أي جمعا عجيبا بعد ما تفرقت أوصالهم وتمزقت أجسادهم في صعيد واحد للحساب والجزاء وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) أي أظهرناها لهم مع قربهم منها يوم إذ جمعنا الخلائق كافة إظهارا هائلا فذلك يجري مجرى عقابهم لحصول الغم العظيم بسبب رؤيتها وسماعها تغيظا وزفيرا
الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ أي أعين قلوبهم في الدنيا فِي غِطاءٍ أي غشاوة كثيفة عَنْ ذِكْرِي على وجه يليق بشأني وعن كتابي فلا يهتدون به وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) إلى قراءة القرآن فلا يؤمنون به. أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي كفروا بي مع جلالة شأني فظنوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي من الملائكة وعيسى وعزير أَوْلِياءَ أي معبودين
ينصرونهم من عذابي. والمعنى أفظنوا أنهم ينتفعون بمن عبدوه من عبادي مع إعراضهم عن تدبر الآيات السمعية والمشاهدة.
وقرأ أبو بكر «أفحسب الذين كفروا» بسكون السين ورفع الباء، وذكر أنه قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أي أفكافيهم اتخاذهم ذلك من دون طاعتي إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢) أي منزلا قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا (١٠٣) في الآخرة الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ أي بطل عملهم