للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب يَعْرُجُونَ (١٤) أي يصعدون ويرون ما فيها من العجائب عيانا لَقالُوا لفرط عنادهم:

إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا أي غشيت بالسحر. وقرأ ابن كثير بتخفيف الكاف. والباقون بتشديدها فهو يوجب تكثيرا أو حيرت من السكر كما يعضده قراءة من قرأ سكرت أي حارت بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) أي قد سحر محمد عقولنا كما قالوه عند ظهور سائر المعجزات من انشقاق القمر ومن القرآن الذي لا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً أي محال تسير فيها الكواكب السيارة وهي المريخ بكسر الميم وهو كوكب في السماء الخامسة وله الحمل والعقرب والزهرة بضم ففتح وهي في السماء الثالثة، ولها الثور والميزان وعطارد بفتح العين وهي في الثانية، ولها الجوزاء والسنبلة والقمر، وهو في الأولى، وله السرطان والشمس وهي في الرابعة، ولها الأسد والمشتري وهو في السادسة، وله القوس والحوت وزحل وهو في السابعة، وله الجدي والدلو وجملة البروج اثنا عشر، ووجه دلالة البروج على وجود الصانع المختار هو أن طبائع هذه البروج مختلفة، فالفلك مركب من هذه الأجزاء المختلفة، وكل مركب لا بد له من مركب يركب تلك الأجزاء بحسب الاختيار والحكمة فثبت أن كون السماء مركبة من البروج يدل على وجود الفاعل المختار وهو المطلوب وَزَيَّنَّاها أي السماء بالشمس والقمر والنجوم لِلنَّاظِرِينَ (١٦) بأبصارهم وبصائرهم فيستدلون بها على قدره صانعها ووحدته وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) أي مرمي بالشهاب فلا يقدر أن يصعد إليها ويوسوس في أهلها ويقف على أحوالها إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ أي إلا من اختلس المسموع سرا من غير دخول فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ أي لحقه شعلة نار ساطعة تنفصل من الكوكب مُبِينٌ (١٨) أي ظاهر أمره للمبصرين وَالْأَرْضَ مَدَدْناها أي بسطناها على وجه الماء وَأَلْقَيْنا فِيها أي على الأرض رَواسِيَ أي جبالا ثوابت لكيلا تميل بأهلها ولتكون دلالة للناس على طرق الأرض لأنها كالأعلام فلا تميل الناس عن الجادة المستقيمة ولا يقعون في الضلال وَأَنْبَتْنا فِيها أي الأرض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) أي مستحسن مناسب أو موزون بوزن فالمعادن كلها موزونة وذلك مثل الذهب والفضة والحديد والرصاص وغير ذلك والنباتات ترجع عاقبتها إلى الوزن، لأن الحبوب توزن وكذلك الفواكه في الأكثر وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها أي الأرض مَعايِشَ أي ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرهما مما يتعلق به البقاء مدة حياتكم في الدنيا وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) أي وجعلنا لكم من لستم برازقيه من العيال والخدم والعبيد والدواب والطيور وما أشبهها، فالناس يظنون في أكثر الأمر أنهم الذين يرزقونهم وذلك خطأ فإن الله هو الرزاق يرزق الكل

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ أي إن جميع الممكنات مقدورة له تعالى يخرجها من العدم إلى الوجود كيف شاء شبهت مقدوراته تعالى الفائتة للحصر في كونها مستورة عن علوم العالمين وكونها مهيأة لإيجاده بحيث متى تعلقت الإرادة بوجودها وجدت من غير تأخر بنفائس الأموال المخزونة في

<<  <  ج: ص:  >  >>