للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا، أي لا تحمل تلك النفس المدعوة شيئا من الوزر، وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى أي ولو كان المدعو ذا قرابة من الداعي.

قال ابن عباس: يلقى الأب والأم الابن فيقولان له: يا بني احمل عنا بعض ذنوبنا. فيقول:

لا أستطيع حسبي ما علي إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ أي إنما ينفع إنذارك يا أشرف الرسل بهذه الإنذارات الذين يخشون عذاب ربهم وهو غائب عنهم وَأَقامُوا الصَّلاةَ أي راعوها كما ينبغي وَمَنْ تَزَكَّى أي تطهر من المعاصي فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ أي فتطهره لنفسه إذ نفعه لها كما أن من تدنس بالأوزار لا يتدنس إلا على نفسه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨) فالمتزكي إن لم تظهر فائدته عاجلا، فهي تظهر عنده في يوم اللقاء في دار البقاء، كما إن الوازر إن لم تظهره تبعة وزره في الدنيا فهي تظهر في الآخرة، إذ المرجع إلى الله وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) ، أي الكافر والمؤمن وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) أي ولا الباطل والحق،

وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) أي ولا الثواب والعقاب، وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ أي وما يستوي المؤمنون والكفار، أو العلماء والجهلة، إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ أي إن الله يفهم من يشاء ممن كان أهلا لفهم آياته تعالى. وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) أي وما أنت يا أشرف الخلق بمفهم من هو مثل الميت في القبور، شبه الله الكفار بالموتى في عدم التأثر بدعوته صلّى الله عليه وسلّم إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (٢٣) أي ما أنت إلّا رسول منذر وليس لك من الهدى شيء، إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ أي إرسالا مصحوبا بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً، ويجوز أن يتعلق بالحق بما بعده، أي بشيرا بالوعد الحق ونذيرا بالوعيد الحق، وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) أي ما من أمة إلّا مضى فيها نبي أو عالم ينذرهم، وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أي وإن يكذبك أهل مكة فلا تبال بتكذيبهم، لأنه قد كذب الذين من قبلهم من الأمم العاتية رسلهم جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي المعجزات الظاهرة الدالة على نبوتهم، وَبِالزُّبُرِ أي بخبر الأولين كصحف إبراهيم، وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) أي الموضح لطريق الخير والشر كالتوراة والإنجيل والزبور، ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالكتب والرسل بأنواع العذاب، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦) أي إنكاري بالعقوبة، أَلَمْ تَرَ أي ألم تعلم أيها المخاطب أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ، أي بذلك الماء ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها من الصفرة والخضرة والحمرة وغيرها، وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ أي طرائق تخالف لون الجبل بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها، ف «مختلف» صفة ل «جدد» أيضا و «ألوانها» فاعل.

وقال الرازي: الظاهر أن الاختلاف راجع إلى كل لون أي بيض مختلف ألوانها، وحمر مختلف ألوانها، لأن الأبيض قد يكون على لون الجص، وقد يكون على لون التراب الأبيض، وكذلك الأحمر، وَغَرابِيبُ أي شديدة السواد سُودٌ (٢٧) وهو بدل من غرابيب وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ، أي ألوان ذلك البعض كَذلِكَ، أي اختلافا كائنا

<<  <  ج: ص:  >  >>