سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي أبعد الخلق ذات الله تعالى من أن يكون محلا للإمكان وصفاته من أن تكون متغيرة، وأفعاله من أن تكون موقوفة على مادة ومثال، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) أي وهو القادر الغالب الذي يفعل أفعاله على وفق الحكمة والصواب. لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي له التصرف فيهما وفيما فيهما من الموجودات يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) أي هو قادر على خلق الحياة والموت، ومنفرد بإيجادهما لا يمنعه تعالى عنهما مانع، ولا يرده عنهما راد. هُوَ الْأَوَّلُ أي ليس قبله شيء، وَالْآخِرُ أي ليس بعده شيء فهو الباقي بعد فناء سائر الموجودات، وَالظَّاهِرُ بحسب الدلائل، وَالْباطِنُ أي المحتجب عن الأبصار. وعن الحواس وعن إدراك حقيقة ذاته في الدنيا والآخرة وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) لا يعزب عن علمه شيء من المظاهر، والخفي، هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ من أيام الدنيا تعلما للعباد في التأني للأمور ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ، أي تصرف في ملكة تصرفا تاما يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ من المياه والكنوز والأموات، وَما يَخْرُجُ مِنْها من النبات والمياه والمعادن والأموات، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ من الأمطار والملائكة والمصائب والحر والبرد، وَما يَعْرُجُ فِيها من الحفظة والأعمال وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ بسبب القدرة والإيجاد والتكوين وبسبب العلم، فهو كونه تعالى عالما بظواهرنا وبواطننا لا بالمكان والجهة.
قال المحققون: ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله قبله. وقال المتوسطون: ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله معه. وقال الظاهريون: ما رأيت شيئا إلّا ورأيت الله بعده. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) فيجازيكم به لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) أي جميع الأمور في الآخرة حيث لا مالك سواه. وقرأ الأخوان وابن عامر بفتح التاء وكسر الجيم يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، فيزيد النهار وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، فيزيد الليل وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) أي بمكنونات القلوب من