للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثواب والعقاب بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا إنه لحق. وذلك إقرار مؤكد باليمين لانجلاء الأمر غاية الانجلاء وهم يطمعون في نفع ذلك الإقرار وينكرون الإشراك فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) أي بسبب كفركم وجحدكم في الدنيا بالبعث بعد الموت

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ أي أنكروا البعث والقيامة حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أي أنهم كذبوا ذلك إلى أن ظهرت القيامة باغتة فلا يعلم أحد متى يكون مجيئها وفي أي وقت يكون حصولها قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها أي يا ندامتنا على تفريطنا في تحصيل الزاد للساعة في الدنيا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أي والحال أنهم يحملون ثقل ذنوبهم عليهم أي إنهم يقاسون عذاب ذنوبهم مقاساة ثقل عليهم فلا تفارقهم ذنوبهم.

وقال قتادة والسدي: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله شيء هو أحسن الأشياء صورة وأطيبها ريحا ويقول: أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني فذلك قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً [مريم: ٨٥] أي ركبانا. وأن الكافر إذا خرج من قبره استقبله شيء هو أقبح الأشياء صورة وأخبثها ريحا فيقول: أنا عملك الفاسد طالما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم، فذلك قوله تعالى: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ. أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) أي بئس شيئا يحملونه آثامهم وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ أي وما اللذات والمستحسنات الحاصلة في هذه الدنيا إلا فرح يشغل النفس عمّا تنتفع به، وباطل يصرف النفس عن الجد في الأمور إلى الهزل وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ أي الجنة أو التمسك بعمل الآخرة أو نعيم الآخرة خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ من المعاصي والكبائر.

وقرأ ابن عامر «ولدار الآخرة» بإضافة دار إلى الآخرة. أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢) . وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالتاء على الخطاب أي قل لهم ألا تتفكرون أيها المخاطبون فلا تعقلون أن الدنيا فانية والآخرة باقية. وقرأ الباقون بالباء على الغيبة أي أيغفل الذين يتقون فلا يعقلون أن الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار فيعملون لما ينالون به الدرجة الرفيعة والنعيم الدائم فلا يفترون في طلب ما يوصل إلى ذلك قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ إنهم لا يؤمنون بك ولا يقبلون دينك وشريعتك أو يقولون إنك ساحر وشاعر وكاهن ومجنون. قرأ نافع «ليحزنك» بضم الياء وكسر الزاي. والباقون بفتح الياء وضم الزاي فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ قرأ نافع والكسائي بسكون الكاف.

والباقون بفتحها وتشديد الذال أي لا يجدونك كاذبا لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة ولا ينسبونك إلى الكذب بالاعتقاد واللسان وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ

يَجْحَدُونَ

(٣٣) أي ولكن جحدوا صحة نبوتك ورسالتك أو المعنى أنهم يقولون في كل معجزة أنها سحر وينكرون دلالة المعجزة على الصدق على الإطلاق. أو المعنى إن القوم ما كذبوك وإنما كذبوني لأنك رسولي

<<  <  ج: ص:  >  >>