للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرسال الرسل كراهة أن تقولوا إذا سئلتم عن أعمالكم يوم القيامة: ما جاءنا بشير بالجنة ولا نذير بالنار، وقد انقمست آثار الشرائع السابقة وانقطعت أخبارها فلا تعتذروا بذلك فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ كامل البشارة وَنَذِيرٌ كامل النذارة وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩) فكان قادرا على الإرسال تترى كما أرسل الرسل بين موسى وعيسى وكان بينهما ألف وسبعمائة سنة وألف نبي وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ لأنه لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء فمنهم السبعون الذين اختارهم موسى من قومه فانطلقوا معه إلى الجبل ومنهم أولاد يعقوب فإنهم كانوا على قول الأكثرين أنبياء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً فقد تكاثر فيهم الملوك، ثم إن أقارب الملوك يقولون عند المفاخرة نحن الملوك.

قال السدي: أي وجعلكم أحرارا تملكون أنفسكم بعد ما كنتم في أيدي القبط يستعبدونكم. وقيل: كل من كان مستقلا بأمر نفسه ومعيشته ولم يكن محتاجا في مصالحه إلى أحد فهو ملك. وقال الضحاك: كانت منازلهم واسعة وفيها مياه جارية وكانت لهم أموال كثيرة فمن كان كذلك كان ملكا.

وعن أبي سعيد الخدري عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كان بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم وامرأة ودابة يكتب ملكا» .

وقال قتادة: سموا ملوكا لأنهم كانوا أول من ملك الخدم ولم يكن قبلهم خدم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: من كان له امرأة يأوي إليها ومسكن يسكنه فهو غني، ثم إن كان له خادم بعد ذلك فهو من الملوك. وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) من فلق البحر وإغراق العدو وإيراث أموالهم وإنزال المن والسلوى، وإخراج المياه العذبة من الحجر وتظليل الغمام فإن ذلك لم يوجد في غير بني إسرائيل

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ أي المباركة الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ أي وهبها الله لكم ميراثا من أبيكم إبراهيم عليه السلام.

روي أن سيدنا إبراهيم عليه السلام لما صعد جبل لبنان قال له الله تعالى: انظر فما أدركه بصرك فهو مقدس وهو ميراث لذريتك. وكان بنو إسرائيل يسمون أرض الشام الموعد. قال ابن عباس: والأرض هي الطور وما حوله وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ أي لا ترجعوا إلى خلفكم أي إلى مصر خوف العدو فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) في الدين والدنيا لأنهم صاروا شاكين في صدق موسى عليه السلام فيصيروا كافرين بالإلهية والنبوة: فإن موسى قد أخبر أن الله تعالى جعل تلك الأرض لهم فكان ذلك وعدا بأن الله تعالى ينصرهم على العدو، ولأن الله تعالى منعهم عن المن والسلوى ثم بعث موسى عليه السلام اثني عشر نقيبا ليتجسسوا لهم عن أحوال تلك الأراضي فلما دخلوا تلك البلاد رأوا أجساما عظيمة هائلة، ثم انصرفوا إلى موسى عليه السلام فأخبروه بالواقعة فأمرهم أن يكتموا ما شاهدوه فلم يقبلوا قوله إلا رجلان منهم وهما يوشع وكالب فإنهما سهلا

<<  <  ج: ص:  >  >>