للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الله فقد أديت ما عليك وليس عليك قبولهم وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٢٠) أي عالم بمن يؤمن وبمن لا يؤمن فيجازي كلا منهم بعمله

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ أي بالقرآن وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ أي بلا جرم وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أي فأعلمهم بعذاب وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم.

روي عن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال: قلت يا رسول الله أيّ الناس أشد عذابا يوم القيامة؟

قال: «رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر» ثم قرأ هذه الآية ثم قال: «يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم»

«١» .

قال الحسن: هذه الآية تدل على أن القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الخوف تلى منزلته في العظم منزلة الأنبياء.

وروي أن رجلا قام إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أيّ الجهاد أفضل؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»

«٢» أُولئِكَ المتصفون بالصفات القبيحة الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أي بطلت محاسن أعمالهم في الدارين أما بطلانها في الدنيا فبإبدال المدح بالذم، والثناء باللعن وبما ينزل بهم من القتل والسبي وأخذ المال منهم غنيمة، والاسترقاق لهم إلى غير ذلك من الذل الظاهر فيهم. وأما بطلانها في الآخرة فبإزالة الثواب إلى العقاب. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢) من عذاب الله في إحدى الدارين أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ أي حظا من علم التوراة- وهم العلماء- منهم النعمان بن عمرو والحرث بن زيد. كما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس. يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ أي التوراة لِيَحْكُمَ أي كتاب الله بَيْنَهُمْ. وقرئ «ليحكم» على البناء للمفعول ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ أي يعرض طائفة منهم بنو قريظة والنضير من أهل خيبر عن الحكم وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) أي مكذبون بذلك.

روي عن ابن عباس أن رجلا وامرأة من اليهود زنيا في خيبر وكانا ذوي شرف، وكان في


(١) رواه أحمد في (م ١/ ص ٤٠٧) .
(٢) رواه أبو داود في كتاب الملاحم، باب: الأمر والنهي، والترمذي في كتاب الفتن، باب:
١٣، وابن ماجة في كتاب الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحمد في (م ٥/ ص ٣٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>