روي أنه لما نزل فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ قالوا على سبيل الاستهزاء: متى هذا الموعود، فنزل: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) أي فإذا نزل العذاب بقربهم فبئس صباح المنذرين صباحهم.
روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما أتى خيبر وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي قالوا:
محمد والخميس، ورجعوا إلى حصنهم فقال صلّى الله عليه وسلّم:«الله أكبر، خربت خبير إنا إذا نزلنا بساحة قوم فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ»
«١» . والصباح: هو وقت نزول العذاب وإن وقع ليلا.
وقرئ «نزل» بتشديد الزاي وبالبناء للمفعول. وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) أي أعرض عنهم إلى يوم بدر أو إلى فتح مكة. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) ، أي يبصرونك مع ما قدر لك من النصرة سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) . وهذه كلمات محتوية على أقصى الدرجات في معرفة إله العالم، فلفظة سبحان تنزيهه عما لا يليق بصفات الإلهية والربوبية دالة على كمال الرحمة، والحكمة والعزة إشارة إلى كمال القدرة وهي دالة على أنه تعالى قادر على جميع الحوادث ومنزه عن الشريك والنظير في الإلهية
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) . وهذا اللفظ يدل على أنهم في الكمال اللائق بالبشر فاقوا غيرهم، فيجب على كل من سواهم الاقتداء بهم، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢) على نجاة الرسل وسلامة الحال بعد الموت، فالله تعالى غني رحيم، والغني الرحيم لا يعذب.
(١) رواه البيهقي في الأسماء والصفات (١٦٨) . [.....]