أو لإرادة ذلتهم. إذ روي أنه أرسل في أثرهم ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور، ومع كل ملك ألف، وخرج فرعون في جمع عظيم وكانت مقدمته سبعمائة ألف رجل على حصان، وعلى رأسه بيضة. وعن ابن عباس خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث.
وروي أن فرعون خرج على حصان أدهم وفي عسكره على لون فرسه ثلاثمائة ألف، وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) أي لفاعلون أفعالا تضيق صدورنا حيث خالفوا ديننا وذهبوا بأموالنا التي استعاروها، وخرجوا من أرضنا بغير إذننا، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦) أي لجماعة يستعملون الحزم في الأمور.
وقرأ ابن ذكوان والكوفيون بألف بعد الحاء أي شاكون السلاح. وقرئ «حادرون» بالدال المهملة أي أقوياء أشداء. فَأَخْرَجْناهُمْ أي جعلنا في قلوب فرعون وقومه داعية الخروج مِنْ جَنَّاتٍ أي بساتين من أسوان إلى رشيد، وَعُيُونٍ (٥٧) أي أنهار جارية في البساتين والدور، وَكُنُوزٍ أي أموال. وسميت كنوزا لأنهم لم ينفقوا منها في طاعة الله تعالى. قيل: كان لفرعون ثمانمائة ألف غلام كل غلام، على فرس عتيق، في عنق كل فرس طوق من ذهب وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) أي منازل حسنة قيل: كان فرعون إذا قعد على سريره وضع بين يديه ثلاثمائة كرسي من ذهب يجلس عليها الأشراف من قومه والأمراء، وعليهم أقبية الديباج مرصعة بالذهب.
كَذلِكَ وهو مصدر تشبيهي أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه، أو وصف لمقام أي وأخرجناهم من مقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم أو خبر مبتدأ محذوف أي إخراجنا كما وصفنا. وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) أي جعلناهم متملكين لتلك النعم بعد هلاك فرعون وقومه. فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) أي فجعلوا أنفسهم تابعة لبني إسرائيل وقت طلوع الشمس.
وقرئ «فاتبعوهم» أي فلحقوهم داخلين في وقت الشروق.
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ أي رأى كل واحد من جمع موسى وجمع فرعون الآخر. وقرئ «تراءت الفئتان» . قالَ أَصْحابُ مُوسى بنو إسرائيل وغيرهم إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) أي لملحقون. وقرئ «لمدّركون» بتشديد الدال وكسر الراء أي لمتتابعون في الهلاك على أيديهم حتى لا يبقى منا أحد. قالَ موسى لهم: كَلَّا أي ارتدعوا عن ذلك التوهم، أو حقا لن يدركونا، لأن الله وعدنا الخلاص منهم. إِنَّ مَعِي رَبِّي بالنصرة سَيَهْدِينِ (٦٢) أي يدلني على طريق النجاة منهم ألبتة.
روي أن رجلا مؤمنا من آل فرعون يكتم إيمانه كان يدي موسى عليه السلام فقال: يا كليم الله أين أمرت؟ قال: هاهنا فحرك فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقه، ثم أقحمه البحر، فارتسب في الماء، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك، فلم يقدروا، فأوحى الله إليه بضرب البحر بعصاه، فإذا الرجل واقف على فرسه ولم يبتل سرجه وذلك قوله تعالى: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فضربه فَانْفَلَقَ أي انشق بقدرة الله تعالى فصار اثني عشر فرقا بعدد