أعينهم وَبُكْماً لا ينطقون ما يقبل منهم وَصُمًّا لا يسمعون ما يلذ مسامعهم مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ أي سكن لهبها بعد أكل جلودهم ولحومهم بأن لم يبق فيهم ما تتعلق به النار زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) أي توقدا بإعادة الجلود واللحوم ولعل ذلك عقوبة لهم على إنكارهم الإعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد أخرى ليروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا ذلِكَ العذاب جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا الدالة على صحة الإعادة دلالة واضحة وَقالُوا منكرين لقدرتنا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أي ترابا رميما أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أي بعثا جديدا أَوَلَمْ يَرَوْا أي ألم يتفكروا ولم يبصروا بعيون قلوبهم أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ أي يعيد بالإحياء مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ أي وقتا معلوما عند الله لا شك فيه عند المؤمنين وهو يوم القيامة فَأَبَى الظَّالِمُونَ أي لم يقبل المشركون بعد هذه الدلائل الظاهرة إِلَّا كُفُوراً (٩٩) أي جحودا للأجل قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي أي خزائن رزقه التي أفاضها على كافة الموجودات إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ ما ملكتم خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ أي مخافة الفقر فلا فائدة في إسعافكم بذلك المطلوب الذي التمستموه وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠) أي بخيلا
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ أي واضحات الدلالة على نبوته وهي اليد والعصا، والجراد والقمل، والضفادع والدم، والطوفان والسنون، ونقص الثمرات فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ أي فاسأل يا أشرف الرسل بني إسرائيل الذين كانوا في زمانك عن موسى فيما جرى بينه وبين فرعون وقومه، ليظهر صدق ما ذكرته عند المشركين، فيكون هذا السؤال سؤال استشهاد. وهذه الجملة اعتراضية بين العامل والمعمول إِذْ جاءَهُمْ أي حين جاء موسى بني إسرائيل الذين كانوا في زمانه عليه السلام وهذا الظرف متعلق بآتينا فأظهر ما آتيناه من الآيات عند فرعون وبلغه ما أرسل به فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) أي مغلوب العقل قالَ لفرعون: لَقَدْ عَلِمْتَ.
قرأ الكسائي بضم التاء. والباقون بفتحها، فالضم قراءة على والفتح قراءة ابن عباس ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ الآيات عليّ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ أي أدلة ظاهرة يستدل بها على صدقي ولكنك تنكرها للحسد وحب الدنيا وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ أي لأعلمك يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) أي ملعونا ممنوعا من الخير فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ أي أراد فرعون أن يخرج موسى وقومه مِنَ الْأَرْضِ بالقتل فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) في البحر وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد إغراقه لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ أي أرض الشام ومصر فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أي البعث بعد الموت جِئْنا بِكُمْ من قبوركم إلى المحشر لَفِيفاً (١٠٤) أي مختلطين أنتم وهم فيختلط جميع الخلق المسلم والكافر والبر والفاجر، ثم نحكم بينكم ونميز سعداءكم من أشقيائكم وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ أي ما أردنا بإنزال القرآن إلا إثبات الحق وكما أردنا هذا المعنى فكذلك حصل هذا المعنى ووصل إليهم بعد إنزاله عليك ليس فيه تبديل أو يقال: وما أنزلنا القرآن إلا ملتبسا بالحكمة