التي لم تؤت، والمملوكة التي سباها الرجل بنفسه أطهر من التي اشتراها الرجل، فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها، ومن هاجرت من أقارب النبي صلّى الله عليه وسلّم معه من مكة إلى المدينة أشرف ممن لم تهاجر، وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً وهي أم شريك بنت جابر العامرية، وخولة بنت حكيم، وزينب بنت خزيمة الأنصارية، وميمونة بنت الحرث إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ، أي إن ملكته بعضها بأي عبارة كانت بلا مهر، فتصير كالمستوفية مهرها، إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها أي أن يتملك بضعها بلا مهر، فإرادة النكاح جارية منه صلّى الله عليه وسلّم مجرى القبول، خالِصَةً لَكَ أي حال كون المرأة خصوصية لك، أو هبة مرخصة لك ف «خالصة» إما حال أو نعت مصدر مقدم. مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.
قال الشافعي: والمعنى إن إباحة الوطء بالهبة وحصول التزوج بلفظها من خواصك.
وقرئ «خالصة» بالرفع على أنه مبتدأ محذوف، أي تلك المرأة، أو تلك الهبة رخصة لك وخصوصية لك، لا تتجاوز المؤمنين حيث لا تحل المرأة لهم بغير مهر ولا تصح الهبة، بل يجب مهر المثل قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ أي ما أوجبنا على المؤمنين في حق أزواجهم بأن لا يزيدوا على أربع نسوة، ولا يتزوجوا إلّا بولي وشهود ومهر، وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ بأن تكون الأمة ممن تحل لمالكها، كالكتابية وأن تستبرأ قبل الوطء، لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ أي ضيق، ف «اللام» متعلق بأحللنا. والمعنى أحللنا أزواجك وما ملكت يمينك، والموهبة لك لتكون في فسحة من الأمر، فلا يبقى لك شغل قلب، فينزل جبريل بالآيات على قلبك الفارغ، وتبلغ رسالات ربك بجدك، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠) ، فيغفر الذنوب مما يعسر التحرز عنه، ويرحم العبيد بتوسعة الأمر في مواضع الضيق،
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ أي تترك مضاجعتها، وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ أي وتضم إليك من تشاء مضاجعتها، فالله أحل له صلّى الله عليه وسلّم وجوه المعاشرة بهن كيف يشاء، ولا يجب عليه القسم، فإن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك. وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنسبة إلى أمته نسبة السيد المطاع.
وروي أنه صلّى الله عليه وسلّم أرجأ منهن، سودة، وجويرة، وصفية، وميمونة، وأم حبيبة فكان يقسم لهن ما يشاء كما شاء. وكانت مما آوى إليه صلّى الله عليه وسلّم: عائشة، وحفصة، وزينب، وأم سلمة، فأرجأ خمسا، وآوى أربعا.
وقرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي «ترجى» بياء ساكنة. والباقون بهمزة مضمومة وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ أي إذا طلبت رد من كنت تركتها إلى فراشك، فلا جناح عليك في شيء من ذلك ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ من تقريب وإرجاء، وعزل وإيواء، أي تفويض الأمر لي مشيئتك أقرب إلى طيب نفوسهن، وإلى قلة