حزنهن، وإلى رضاهن جميعا، لأنه حكم كلهن فيه سواء، ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك إن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله فتطمئن به نفوسهن، وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ من الرضا والسخط، فاجتهدوا في إحسان الخواطر، وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) أي إن أضمرن خلاف ما أظهرن فإنه يعلم ضمائر القلوب، فإن لم يعاتبهن في الحال فلا يغتررن، فإنه حليم لا يعجل لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ أي من بعد اختيارهن الله ورسوله، ورضاهن بما يؤتيهن الرسول من الوصل والهجران، والنقص والحرمان.
وقرأ أبو عمرو «لا تحل» بالفوقية، أو لا يحل لك النساء غير اللاتي ذكرنا لك من المؤمنات المهاجرات، من بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك. وأما غيرهن من الكتابيات فلا يحل لك التزوج بهن، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ.
وهذا نهي عن شغل الجاهلية فإنهم كانوا يبادلون زوجة بزوجة، فينزل أحدهم عن زوجته، ويأخذ زوجة صديقه، ويعطيه زوجته.
روى الدارقطني عن أبي هريرة قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل تنزل لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي، وأزيدك، فأنزل الله تعالى: وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ. إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ فتحل لك، وقد ملك مارية القبطية وولدت له إبراهيم، ومات في حياته صلّى الله عليه وسلّم، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢) أي حافظا شاهدا فاحذروا مجاوزة حدوده، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ، أي لا تدخلوا بيوت النبي في حال من الأحوال إلّا حال كونكم مأذونا لكم بالدخول إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ، أي منتظرين نضجه. نزلت هذه الآية في قوم كانوا يدخلون في بيوت النبي صلّى الله عليه وسلّم
غدوة وعشية، فيجلسون وينتظرون وقت الطعام حتى يأكلوا، ثم يتحدثون مع نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاغتمّ بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم، واستحيا أن يأمرهم بالخروج، وينهاهم عن الدخول، فنهاهم الله عند ذلك بهذه الآيات. وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ أي أكلتم الطعام فَانْتَشِرُوا، أي فتفرقوا ولا تلبثوا، وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ أي وغير مستأنسين لحديث بعضكم بعضا، أو لحديث أهل البيت بالتسمع له، إِنَّ ذلِكُمْ أي الدخول والمكث لحديث كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ لتضييق المنزل عليه وعلى أهله، فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ أي من إخراجكم، وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أي لا يترك الأمر بخروجكم، ولا يترك النهي عن الدخول بعير إذن، وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي وإذا سألتم نساء النبي شيئا ينتفع به فاسألوهن من خلف ستر.
قيل: إنه صلّى الله عليه وسلّم كان يطعم ومعه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة رضي الله عنها، فكره النبي ذلك، فنزلت هذه الآية. ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ أي إن عدم الدخول بغير