للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدائهم. وقرئ «ولي الذين» إلخ وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) أي وأن الكافرين اتخذوا آلهة لا تنفع ولا تضر وتركوا الله فلا ناصر لهم إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فالأنهار يتبعها الأشجار، والأشجار يتبعها الثمار، والماء سبب حياة العالم والمؤمنون ينظرون إليه وينتفعون به، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ أي ينتفعون في الدنيا بمتاعها وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ فلا يهمهم إلا أكل الملاذ ولا يستدلون بالمأكولات على خالقها ولا يعلمون عاقبة أمرهم كالأنعام، فإنها لا تعلم أنها كلما كانت أسمن كانت أقرب إلى الذبح وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) فيتقلبون في النار ويتضررون بها وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ أي وكم من أهل قرية كذبوا رسلهم أهلكناهم وهم أشد قوة من أهل قريتك الّذين كانوا سببا لخروجك من بينهم فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣) من إهلاكنا كذلك نفعل بأهل مكة فاصبر كما صبر رسل أولئك أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤) أي أليس الأمر كما ذكر؟ فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة من مالك أمره وهو القرآن وسائر الحجج العقلية كمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا واتبعوا أهواءهم الزائغة وانهمكوا في فنون الضلالات مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ و «مثل» مبتدأ وخبره «فيها أنهار» ، وهو عين المبتدأ لأن اشتمال الجنة على أنهار من كذا وكذا صفة لها، وقيل: والخبر مقدر والتقدير: وفيما نقص عليكم مثل الجنة، وعلى هذا فالوقف على «المتقون» كاف والجملة بعده مفسرة لمثل مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ أي غير متغيّر ريحه وطعمه حتى في البطون، وقرأ ابن كثير بقصر الهمزة والباقون بمدها، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فلا يعود حامضا ولا قارصا ولا ما يكره من الطعوم، فلو أراد تغيره من أصل خلقته لشهوة اشتهوها تغير، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ بأسرهم فليس فيها كراهة الطعم لهم وهي لمجرد الالتذاذ فقط وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى من شمع وغيره.

روي عن كعب الأحبار أنه قال: نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة، ونهر الفرات نهر لبنهم، ونهر مصر، نهر خمرهم، ونهر سيحان وجيحان نهر عسلهم، وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر، وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أي ولأهل الجنة في الجنة زوجان من كل الثمرات، وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ أي ولهم فيها رفع تكليف عنهم فيأكلون، ويشربون من غير حساب، ولا عقاب، ورفع قبيح، ومكروه فلا يحتاجون إلى غائط، ولا يمرضون بسبب تناول المأكولات والمشروبات بخلاف الدنيا، فإن للأكل توابع ولوازم لا بد منها كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ أي أمن هو خالد في هذه الجنة حسب ما جرى به الوعد كمن هو خالد في النار كما نطق به قوله تعالى: وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً أي حارا فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥) أي مباعرهم لحدة تكون في ذلك الماء من فرط الحرارة، وقوله تعالى: عَلى بَيِّنَةٍ في مقابلة زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وقوله تعالى: مِنْ رَبِّهِ في مقابلة وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ والْجَنَّةِ في مقابلة النار والثمار في الجنة في مقابلة الزقوم في

<<  <  ج: ص:  >  >>