للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ، أي فرائضه أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ أي بينه لكم في القرآن، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ بطاعته ويعمل بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم، يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ من الصلاة إلى الصلاة، ومن الجمعة إلى الجمعة فإن الحسنات يذهبن السيئات وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥) في الآخرة بالمضاعفة، أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ أي أسكنوا المعتدات مسكنا من بعض مكان سكناكم على قدر طاقتكم ووجدكم بضم الواو باتفاق القراء السبعة. وقرئ بفتح الواو وكسرها. وَلا تُضآرُّوهُنَّ في السكنى والنفقة لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ بهما حتى تلجئوهن إلى الخروج من المسكن أو إلى تفتدي الرجعية نفسها منكم، وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ أي وإن كن المطلقات حبالى، فَأَنْفِقُوا أيها الأزواج عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فيخرجن من العدة. وهذا بيان حكم المطلقة البائنة، أما الحوامل المتوفى عنهن أزواجهن فلا نفقة لهن، وأما الرجعية فإنها تستحق النفقة، وإن لم تكن حاملا ومذهب مالك والشافعي أنه ليس للمبتوتة إلا السكنى، ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا. وعن الحسن وحماد لا نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة بنت قيس أن زوجها بت طلاقها

فقال لها رسول الله: «لا سكنى لك ولا نفقة» ،

وأما عند الحنفية فلكل مطلقة حق النفقة والسكنى لأن

عمر قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في شأن المطلقة: «لها النفقة والسكنى»

، ولأن ذلك جزاء الاحتباس وهو مشترك بين المبتوتة وغيرها، ولو كان جزاء للحمل لوجب في ماله إذا كان له مال ولم يقولوا به، ونحن معشر الشافعية نقول: إن الحامل قد يتوهم أنها لا نفقة لها لطول مدة الحمل، فأثبت لها النفقة ليعلم أن غيرها بطريق الأولى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ أولادكم منهن بعد انقضاء علقة النكاح، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على ذلك الإرضاع ولا يجوز عند أبي حنيفة وأصحابه للرجل استئجار امرأته للرضاع إذا كان الولد منها ما لم تبن، ويجوز عند الشافعي مطلقا وفي هذه الآية دليل على أن حق الرضاع والنفقة على الأزواج في حق الأولاد وحق الإمساك والتربية على الزوجات، وفيها دليل على أن اللبن ملك لها وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أي تشاوروا بتراضي الأب والأم، ولا يكن من الأب مماكسة، ولا من الأم معاسرة، ولا من الرجل تقصير في حق المرأة ونفقتها ولا من المرأة في حق الولد ورضاعه، وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ كأن أبى الزوج أن يعطي المرأة أجرة رضاعها وأبت الأم أن ترضع الولد مجانا فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) ، أي فسترضع الولد لوالده امرأة أخرى فليس له إكراهها على إرضاعه بل يستأجر الأب للصبي مرضعا غير أمه لِيُنْفِقْ على المرضعات المطلقات وعلى خلافها، ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ أي ذو غني على قدر غناه وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ، أي ومن ضيق عليه معيشته فلينفق على الزوجة والولد الصغير على قدر ما أعطاه الله من المال وإن قل لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها أي إلا بقدر ما أعطاها من الرزق جل أو قل فإنه تعالى لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧) أي بعد ضيق سعة وبعد شدة رخاء عاجلا أو آجلا وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ أي وكم من أهل قرية أبوا عن قبول أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>