للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليظهر ما فيها من السرائر وفي المثل المشهور لا تكرهوا الفتن فإنها حصاد المنافقين وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ أي يخلصها من الوساوس وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤) أي بما في القلوب من الخير والشر إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ أي انهزموا يوم أحد وهم عثمان بن عفان، ورافع بن المعلى وخارجة بن زيد يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ جمع محمد صلّى الله عليه وسلّم وجمع أبي سفيان إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ أي أزالهم الشيطان بوسوسته أن محمدا قتل بِبَعْضِ ما كَسَبُوا أي بشؤم بعض ما كسبوا من الذنوب بترك المركز وبالحرص على الغنيمة أو على الحياة وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لتوبتهم واعتذارهم إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن تاب حَلِيمٌ (١٥٥) أي لا يعجل لهم بالعقوبة وأما الذين ثبتوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعة عشر رجلا، سبعة من المهاجرين: أبو بكر وعلي وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة بن الجراح، والزبير بن العوام.

وسبعة من الأنصار: الخباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت، والحرث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وأسيد بن حضير، وسعد بن معاذ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا أي في نفس الأمر وهم المنافقون عبد الله بن أبي وأصحابه وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ أي لأجل إخوانهم في النسب أو في الكفر والنفاق إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أي ساروا فيها للتجارة أو غيرها فماتوا أَوْ كانُوا غُزًّى فقتلوا لَوْ كانُوا عِنْدَنا أي مقيمين في المدينة ما ماتُوا في سفرهم وَما قُتِلُوا في غزواتهم لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ أي ظنهم أن إخوانهم لو لم يسافروا ولم يحضروا القتال لعاشوا حَسْرَةً أي حزنا فِي قُلُوبِهِمْ واللام لام العاقبة أي أنهم قالوا ذلك لإعماء قلوب المسلمين ليضيق صدرهم وليتخلفوا عن القتال فلما كان المؤمنون لم يلتفتوا إلى قولهم فيضيع سعيهم، ويبطل كيدهم فتحصل الندامة في قلوبهم وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ فمن قدر له البقاء لم يقتل في الجهاد ومن قدر له الموت لم يبق وإن لم يجاهد فإنه تعالى قد يحيي المسافر والغازي مع اقتحامهما لموارد الخوف، ويميت القاعد عن القتال والمقيم مع حيازتهما لأسباب السلامة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) فيجازيهم على قولهم واعتقادهم ويجازيكم أن تماثلوهم في ذلك وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي في الجهاد أَوْ مُتُّمْ في سفركم للغزو مع الكفار أو في بيوتكم وكنتم مخلصين من النفاق لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ لذنوبكم وَرَحْمَةٌ منه لكم خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) أي مما تجمعونه أنتم لو لم تموتوا من الأموال التي تعد خيرات.

وقرأ حفص عن عاصم بالغيبة أي خير مما يجمعه هؤلاء الكفرة من منافع الدنيا وطيباتها مدة أعمارهم. قال الفخر الرازي: والأصوب عندي أن اللام في «ولئن» للتأكيد فيكون المعنى إن وجب أن تموتوا أو تقتلوا في سفركم وغزوكم فكذلك يجب أن تفوزوا بالمغفرة والرحمة فلماذا تحترزون عن الموت والقتل بل ذلك مما يجب أن يتنافس فيه المتنافسون لأن الموت الذي يستحق الثواب العظيم كان خيرا من الموت من غير فائدة وَلَئِنْ مُتُّمْ في حضر أو سفر أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>