للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدين لا حقيقة له أو يقر بأن الدين الذي له على الغير قد وصل إليه أو يبيع شيئا بثمن بخس أو يشتري شيئا بثمن غال، أو يوصي بالثلث لغرض تنقيص حقوق الورثة وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ أي فريضة من الله عليكم في قسمة المواريث. وقيل: المعنى وصية من الله بالأولاد وأن لا يدعهم عالة يتكففون وجوه الناس بسبب الإسراف في الوصية، وينصر هذا الوجه قراءة الحسن «غير مضار وصية» بالإضافة. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمن جار أو عدل في وصيته حَلِيمٌ (١٢) على الجائر لا يعاجله بالعقوبة فلا يغتر بالإمهال تِلْكَ أي شؤون الأيتام وأحكام الأنكحة وأحوال المواريث حُدُودُ اللَّهِ أي أحكام الله وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في جميع الأوامر والنواهي يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ نصب على الظرفية عند الجمهور وعلى المفعولية عند الأخفش تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها حال من الهاء في يدخله وهي عائدة على «من» وهو مفرد في اللفظ جمع في المعنى، فلهذا صح الوجهان. وَذلِكَ أي دخول الجنات على وجه الخلود الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) الذي لا فوز وراءه وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ولو في بعض الأوامر والنواهي وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ أي يتجاوز أحكامه بالجور.

وقال الكلبي: أي ومن يكفر بقسمة الله المواريث ويتعد حدوده استحلالا. وقال عكرمة عن ابن عباس: من لم يرض بقسم الله تعالى ويتعد ما قال الله تعالى يُدْخِلْهُ ناراً أي عظيمة هائلة خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤) أي وله مع عذاب الحريق الجسماني عذاب شديد روحاني.

وقرأ نافع وابن عامر «ندخله» بنون العظمة في الموضعين. والباقون بالياء. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ أي اللاتي يفعلن الزنا كائنات من أزواجكم المحصنات فاطلبوا أن يشهد عليهن بفعله أربعة من رجال المؤمنين وأحرارهم.

وقرئ بالفاحشة فَإِنْ شَهِدُوا عليهن بذلك كما ينبغي فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ أي فخلدوهن محبوسات في بيوتكم حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أي أن يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥) أي أو إلى أن يشرع لهن حكما خاصا بهن ثم

قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب ترجم والبكر تجلد وتنفى»

«١» .

وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ أي البكران اللذان يأتيان الفاحشة من أحراركم فَآذُوهُما بالتهديد والتعيير كأن يقال: بئس ما فعلتما وقد تعرضتما لعقاب الله وسخطه، وأخرجتما أنفسكما عن اسم العدالة. ويخوفا بالرفع إلى الإمام وبالحد.


(١) رواه مسلم في كتاب الحدود، باب: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>