وقيل: المعنى كونوا مع النساء متزوجين أو متسرين فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي فأي فعل استنفعتم به من جهة المنكوحات مكن جماع أو عقد فأعطوهن مهورهن لأجله. بالتمام إن استنفعتم بالدخول ولو مرة، وبالنصف إن استنفعتم بعقد النكاح.
فَرِيضَةً أي حال كون أجورهن مفروضة من الله عليكم وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ أي لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للزوج مهرها أو يهب الزوج للمرأة المطلقة قبل الدخول تمام المهر أو فيما تراضيا به من نفقة ونحوها مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ أي من بعد ذكر المقدار المعين إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بمصالح العباد حَكِيماً (٢٤) فلا يشرع الأحكام إلّا على وفق الحكمة وذلك يوجب التسليم لأوامره والانقياد لأحكامه. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أيها الأحرار طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ أي الحرائر فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ أي من إمائكم المؤمنات فقوله تعالى: أَنْ يَنْكِحَ إما مفعول لطولا، وإما بدل منه، وإما مفعول ليستطع وطولا مصدر مؤكد له، لأنه بمعناه إذ الاستطاعة هي الطول- أي الفضل- والزيادة في المال أو تمييز. أي ومن لم يستطع منكم زيادة في المال يبلغ بها نكاح الحرائر فلينكح الإماء. أو المعنى ومن لم يستطع منكم استطاعة نكاحهن. أو المعنى من لم يستطع منكم من جهة سعة المال لا من جهة الطبيعة نكاح الحرة فلينكح الأمة لأنها في العادة تخف مهورها ونفقتها لاشتغالها بخدمة السيد، بخلاف الحرة الفقيرة. ويقال للمرأة الحديثة السن: فتاة. وللغلام: فتى.
والأمة: تسمى فتاة، سواء كانت عجوزا أم شابة لأنها كالشابة في أنها لا توقر توقير الكبير.
وقال مجاهد وسعيد والحسن ومالك والشافعي: لا يجوز التزوج بالأمة الكتابية سواء كان الزوج حرا أو عبدا. وقال أبو حنيفة: يجوز. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ أي إنه تعالى أعلم منكم بمراتبكم في الإيمان فربّ أمة يفوق إيمانها إيمان الحرائر. فاعلموا على الظاهر في الإيمان فإنكم مكلفون بظواهر الأمور والله يتولى السرائر والحقائق بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ أي كلكم مشتركون في الإيمان وهو أعظم الفضائل فإذا حصل الاشتراك في ذلك كان التفاوت فيما وراءه غير معتبر.
روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب. والفخر بالأحساب. والاستسقاء بالأنواء»
«١» . فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ أي سيدهن وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ أي أعطوهن مهورهن على العادة الجميلة عند المطالبة من غير مطل مُحْصَناتٍ أي عفائف عن الزنا وهي حال مفعول فأنكحوهن غَيْرَ مُسافِحاتٍ أي غير مؤجرة
(١) رواه مسلم في كتاب الجنائز، باب: ٢٩، وأبو داود في كتاب الأدب، باب: التفاخر بالأحساب، وأحمد في (م ٥/ ص ٣٤٢) .