للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواحدي: نزلت هذه الآية في شأن المنافقين، وقيل: نزلت في مشركي مكة المنفقين على عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً أي ومن يكن الشيطان معينا له في هذه الأفعال في الدنيا فَساءَ قَرِيناً (٣٨) أي فبئس الصاحب له في النار هو فإن الله تعالى يقرن مع كل كافر شيطانا في سلسلة في النار، ثم بيّن الله تعالى سوء اختيارهم في ترك الإيمان فقال: وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ أي وأيّ ضرر عليهم في الإيمان والإنفاق ابتغاء وجه الله وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ وبأحوالهم المخفية عَلِيماً (٣٩) فالله تعالى عالم ببواطن الأمور فإن القصد إلى الرياء إنما يكون باطنا غير ظاهر إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ أي إن الله لا يظلم أحدا وزن نملة حمراء صغيرة أي لا يظلم قليلا ولا كثيرا وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها.

قرأ نافع وابن كثير حسنة بالرفع والمعنى وإن حدثت حسنة. والباقون بالنصب. والمعنى وإن تكن زنة الذرة حسنة. وقرأ ابن كثير وابن عامر يضعفها بالتشديد من غير ألف فيكون التضعيف للثواب إلى مقدار لا يعلمه إلّا الله تعالى.

روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة وينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه، ثم يقال له: أعط هؤلاء حقوقهم، فيقول: يا رب من أين وقد ذهبت الدنيا؟ فيقول الله لملائكته: انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة ضعّفها الله تعالى لعبده وأدخله الجنة بفضله ورحمته.

وقال أبو عثمان النهدي: بلغني عن أبي هريرة أنه قال: إن الله ليعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة، فقدّر الله أن ذهبت إلى مكة حاجا أو معتمرا فلقيته فقلت: بلغني عنك أنك تقول: إن الله يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة. قال أبو هريرة: لم أقل ذلك ولكن قلت: إن الحسنة تضاعف بألفي ألف ضعف وتلا قوله تعالى: وَيُؤْتِ أي يعط الله صاحب الحسنة مِنْ لَدُنْهُ أي من عنده تعالى أَجْراً عَظِيماً (٤٠) فلا يقدر أحد قدره.

روي أن عمر كان جالسا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى بدت ثناياه، فقال عمر: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما الذي أضحكك؟ قال: «رجلان من أمتي جثيا بين يدي الله عز وجل فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من هذا. فقال الله تعالى: رد على أخيك مظلمته.

فقال: يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء. فقال الله تعالى للطالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق له من حسناته شيء فقال: يا رب فليحمل عني من أوزاري ثم فاضت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالبكاء فقال: إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم. قال: فيقول الله تبارك

<<  <  ج: ص:  >  >>