للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، ففعل بلسانه فأتاه الحرث ابن زيد فقال: يا عياش إن كان دينك الأول هدى فقد تركته، وإن كان ضلالا فقد دخلت الآن فيه. فغضب عياش من مقالته وقال: والله لا ألقاك خاليا أبدا إلا قتلتك ثم هاجر بعد ذلك وأسلم الحرث بعد ذلك، وهاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلقيه عياش في ظهر قباء خاليا ولم يشعر بإسلامه فقتله، فلما أخبره الناس بأنه كان مسلما ندم على فعله وأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: قتلته ولم أشعر بإسلامه فنزلت هذه الآية وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً بأن يقصد رمي المشرك فأصاب مسلما، أو يظن الشخص مشركا فقتله فبان مسلما أو يضرب المسلم بضربة لا تقتل غالبا فيموت منها.

فالأول: خطأ في الفعل.

والثاني: خطأ في القصد.

والثالث: خطأ في القتل وإن كان عمدا في الضرب ولذلك سمي شبه العمد فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ أي فعليه إعتاق نسمة محكوم بإسلامها وإن كانت صغيرة ودية مؤداة إلى ورثة المقتول يقتسمونها كسائر المواريث إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا أي إلا أن يعفو أهل المقتول عن الدية ويتركوها وسمي العفو عنها صدقة حثا عليه وتنبيها على فضله. وفي الحديث «كل معروف صدقة» «١» . فَإِنْ كانَ أي المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ أي من سكان دار الحرب وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولم يعلم القاتل بكونه مؤمنا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أي فالواجب على القاتل بسبب قتله الواقع على سبيل الخطأ هو تحرير الرقبة، وأما الدية فلا تجب إذ لا وراثة بين المقتول وبين أهله لأنهم محاربون كالحرث بن زيد فإنه من قوم محاربين لرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأما الكفارة فإنها حق الله تعالى ليقوم المعتوق به مقام المقتول في المواظبة على العبادات وَإِنْ كانَ أي المقتول خطأ مِنْ قَوْمٍ كفرة بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أي عهد مؤقت أو مؤبد فَدِيَةٌ أي فعلى قاتله دية مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ أي المقتول. وهي ثلث دية المؤمن إن كان نصرانيا أو يهوديا تحل مناكحته، وثلثا عشرها إن كان مجوسيا أو كتابيا لا تحل مناكحته وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ على القاتل فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ أي فمن كان فقيرا فعليه ذلك الصيام بدلا عن الرقبة. وقال مسروق: بدلا عن مجموع الكفارة والدية والتتابع واجب حتى لو أفطر يوما وجب الاستئناف إلا أن يكون الفطر بحيض أو نفاس تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ


(١) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب: كل معروف صدقة، ومسلم في كتاب الزكاة، باب: ٥٢، وأبو داود في كتاب الأدب، باب: في المعونة لمسلم، والترمذي في كتاب البرّ، باب: ٤٥، وأحمد في (م ٣/ ص ٣٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>