للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معدود في اللحن الذي قد يحمل لأجل الضرورة في الشعر ويجب تنزيه كلام الله عنه ولأنه يرجع إليه عند حصول الأمن من الالتباس كما في قول الشاعر:

كبير أناس في بجاد مزمل وفي هذه الآية لا يحصل الأمن من الالتباس، ولأنه إنما يكون بدون حرف العطف. وأما القراءة بالنصب فهي إما معطوفة على الرؤوس لأنه في محل نصب والعطف على الظاهر وعلى المحل جائز كما هو مذهب مشهور للنحاة وإما معطوفة على وجوهكم فظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ هو قوله تعالى: وَامْسَحُوا وقوله تعالى:

فَاغْسِلُوا فإذا اجتمع العاملان على معمول واحد كان الأولى إعمال الأقرب حتى إن بعضهم لا يجوز أن يكون العامل فاغسلوا لما يلزم عليه من الفصل بين المتعاطفين بجملة مبينة حكما جديدا ليس فيها تأكيد للأول وليست هي اعتراضية فوجب أن يكون عامل النصب في قوله:

وَأَرْجُلَكُمْ هو قوله: وَامْسَحُوا فتدل هذه الآية على وجوب مسح الأرجل، لكن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل وهو مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب الرجوع إليه ويجب القطع بأن غسل الرجل يقوم مقام مسحها، وأيضا إن فرض الرجلين محدود إلى الكعبين والتحديد إنما جاء في الغسل لا في المسح وهذا جواب لقولهم ولا يجوز دفع وجوب مسح الرجل بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا أي فاغتسلوا ولحصول الجنابة سببان: نزول المني، والتقاء الختانين. فختان الرجل هو الموضع الذي يقطع منه جلدة القلفة وشفر المرأة محيطان بثلاثة أشياء: ثقبة في أسفل الفرج وهي مدخل الذكر ومخرج الحيض والولد. وثقبة أخرى فوق هذه مثل إحليل الذكر وهي مخرج البول لا غير، وموضع ختانها وهو فوق ثقبة البول. وهناك جلدة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها فإذا غابت الحشفة حاذى ختانها ختانة وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى مرضا يضره الماء كجراحة أو جدري أَوْ عَلى سَفَرٍ أي مستقرين عليه أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أي الموضع الذي يقضي فيه حاجة الإنسان التي لا بد منها أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ بذكر أو غيره فَلَمْ تَجِدُوا يا معشر المسافرين والمحدثين حدثا أصغر أو أكبر ماءً بعد طلبه فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً أي فاقصدوا ترابا نظيفا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ بالضربة الأولى وَأَيْدِيَكُمْ بالضربة الثانية مِنْهُ أي التراب ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ أي ضيق بما فرض عليكم من الطهارة للصلاة وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ أي ليطهر قلوبكم عن صفة التمرد عن طاعة الله تعالى لأن الكفر والمعاصي نجاسات للأرواح، وذلك لأنه تعالى لما أمر العبد بإيصال الماء إلى هذه الأعضاء المخصوصة وكانت طاهرة لم يعرف العبد في هذا التكليف فائدة معقولة فلما انقاد لهذا التكليف كان ذلك الانقياد لمحض إظهار العبودية فأزال هذا الانقياد عن

<<  <  ج: ص:  >  >>