وعن ابن عباس قال: ما عرفت فاطر السموات حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: إني فطرتها أي ابتدأتها.
وقرئ «فاطر السّموات» بالجر صفة لله أو بدل منه بدل المطابق. وبالرفع على إضمار هو، والنصب على المدح. وقرأ الزهري «فطر السموات» وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ أي وهو الرازق لغيره ولا يرزقه أحد. ويقال ولا يعان على الترزيق. قُلْ يا أكرم الخلق لكفار مكة: إِنِّي أُمِرْتُ أي من حضرة الله تعالى أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ فإنه صلّى الله عليه وسلّم سابق أمته في الإسلام. وقيل لي يا محمد وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) أي في أمر من أمور الدين قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي بمخالفة أمره ونهيه أي عصيان كان عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) أي عذابا عظيما في يوم عظيم وهو يوم القيامة مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ.
قرأ أبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي «يصرف» بفتح الياء وكسر الراء، والمفعول محذوف والتقدير من يصرف ربي عنه يومئذ العذاب فقد أنعم عليه.
والباقون «يصرف» بالبناء للمفعول. والمعنى أيّ شخص يصرف العذاب عنه ذلك اليوم العظيم فقد أدخله الله الجنة وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦) أي وذلك الرحمة هو الفوز الظاهر وهو الظفر بالمطلوب وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ أي وإن يصبك الله ببلية أيها الإنسان كمرض وفقر ونحو ذلك فلا رافع له إلا هو وحده وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ أي وإن ينزل الله بك خيرا من صحة وغنى ونحو ذلك فلا راد له غيره فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) .
روي عن ابن عباس أنه قال: أهدي للنبي صلّى الله عليه وسلّم بغلة أهداها له كسرى فركبها بجبل من شعر، ثم أردفني خلفه ثم سار بي ميلا، ثم التفت إليّ فقال:«يا غلام» فقلت: لبيك يا رسول الله فقال:
«احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد مضى القلم بما هو كائن فلو جهد الخلائق أن ينفعوك بما لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروك بما لم يكتب الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فاصبر، فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا. واعلم أن النصر مع الصبر وإن مع الكرب فرجا وإن مع العسر يسرا»
«١» .
وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ بالقدرة والقوة وهذا إشارة إلى كمال القدرة وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) فإن أفعاله تعالى محكمة آمنة من وجوه الخلل والفساد وإنه تعالى عالم بما يصح أن يخبر به.