للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرئ بسكون الفاء أي لا يجاوزون ما حدّ لهم بزيادة أو نقصان ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ أي ثم رد جميع البشر بعد البعث بالحشر إلى حكم الله وجزائه في موقف الحساب. وقيل: المعنى ثم يرد أولئك الملائكة فإنهم يموتون كما يموت بنو آدم مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أي مالكهم الذي لا يقضي إلا بالعدل أَلا لَهُ الْحُكْمُ يومئذ صورة ومعنى وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢) يحاسب جميع الخلائق في أقصر زمان لا يشغله كلام عن كلام ولا حساب عن حساب

وفي الحديث: «إن الله تعالى يحاسب الكل في مقدار حلب شاة»

«١» أي وذلك لأنه تعالى لا يحتاج إلى فكر وعد. قُلْ يا أكرم الخلق لكفار مكة: مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي من شدائدهما الهائلة التي تبطل الحواس وتدهش العقول تَدْعُونَهُ والضمير عائد لمن وهذه الجملة في محل نصب على الحال إما من مفعول ينجيكم أي من ينجيكم منها داعين إياه، وإما من فاعله أي من ينجيكم منها مدعوا من جهتكم تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي تدعونه دعاء إعلان وإخفاء، أو تدعونه متضرعين ومخلصين بقلوبكم قائلين لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ أي الأهوال والشدائد لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) أي من المؤمنين المداومين على الشكر لأجل هذه النعمة.

وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «خفية» بكسر الخاء. والباقون بالضم وعلى هذا الاختلاف في سورة الأعراف. وقرأ الأعمش و «خيفة» بكسر الخاء فبعده الياء الساكنة من الخوف أي مستكينا أو دعاء خوف والآية تدل على أن الإنسان يأتي عند حصول الشدائد بأمور.

أحدها: الدعاء.

وثانيها: التضرع.

وثالثها: الإخلاص بالقلب وهو المراد من قوله وخفية.

ورابعها: التزام الشدائد بالشكر وهو المراد من قوله: لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.

وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «لئن أنجانا» على المغايبة وينجيكم بالتشديد في الموضعين. والباقون «لئن أنجيتنا» على الخطاب و «ينجيكم» بالتشديد والتخفيف وحجة من قرأ على المغايبة أن ما قبل لفظ أنجانا وهو «تدعونه» وما بعده وهو «قل الله ينجيكم منها» مذكور بلفظ المغايبة ولا يحتاج في هذه القراءة إلى إضمار نحو تقولون، فالإضمار خلاف الأصل وحجة من قرأ على المخاطبة قوله تعالى في آية أخرى لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها


(١) رواه القرطبي في التفسير (٢: ٤٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>