للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ عاصم وحمزة والكسائي بغير إضافة أي نرفع من نشاء رفعه في رتب عظيمة عالية من العلم والحكمة والمنزلة. وقرأ الباقون بالإضافة إِنَّ رَبَّكَ يا أكرم الرسل حَكِيمٌ في كل ما فعل من رفع وخفض. عَلِيمٌ (٨٣) بحال من يرفعه أي إن الله يرفع درجات من يشاء بمقتضى حكمته وعلمه فإن أفعاله تعالى منزهة عن العبث وَوَهَبْنا لَهُ أي لإبراهيم لصلبه إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ من إسحاق كُلًّا هَدَيْنا أي كل واحد من إبراهيم وإسحاق ويعقوب أرشدنا إلى النبوة والرسالة وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ أي من قبل إبراهيم وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ أي وهدينا من ذرية نوح داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ هو ابن أموص من أسباط عيص بن إسحاق وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) أي ونجزي المحسنين المذكورين جزاء كائنا مثل ذلك الجزاء على إحسانهم وهو الإتيان بالأعمال الحسنة على حسنها الوصفي المقارن لحسنها الذاتي،

وقد فسره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»

«١» . وَزَكَرِيَّا ابن أذن وَيَحْيى ابنه وَعِيسى ابن مريم بنت عمران وَإِلْياسَ بن ياسين بن فنحاص بن عيزار بن هارون بن عمران كُلٌّ أي كل واحد من أولئك المذكورين مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) أي من الكاملين في الصلاح. وهو الإتيان بما ينبغي والتحرز عمّا لا ينبغي وَإِسْماعِيلَ بن إبراهيم وَالْيَسَعَ بن أخطوب بن العجوز.

قرأ حمزة والكسائي واليسع بتشديد اللام وسكون الياء. والباقون واليسع بلام واحدة ساكنة وبفتح الياء وَيُونُسَ بن متى وَلُوطاً بن هاران أخي إبراهيم وَكلًّا من هؤلاء الأنبياء فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ (٨٦) فهم يفضلون على الملائكة والأولياء.

واعلم أن الله تعالى خصّ كل طائفة من الأنبياء بنوع من الكرامة والفضل فمنهم أصول الأنبياء وإليهم يرجع حسبهم جميعا وهم نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب، ثم المراتب المعتبرة عند جمهور الخلق بعد النبوة الملك والسلطان والقدرة، وقد أعطى الله داود وسليمان من هذا الباب نصيبا عظيما، ثم المرتبة الثالثة البلاء الشديد، والمحنة العظيمة، وقد خصّ الله أيوب بهذه الخاصية، والمرتبة الرابعة من كان مستجمعا لهاتين الحالتين وهو يوسف فإنه نال البلاء الكثير في أول الأمر، ثم أعطاه الله النبوة مع ملك مصر، والمرتبة الخامسة من فضائل الأنبياء: قوة المعجزات وكثرة البراهين والمهابة العظيمة والصولة الشديدة وذلك في حق موسى وهارون.


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة ٣١، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: ٥٧، وأبو داود في كتاب السنّة، باب: في القدر، والترمذي في كتاب الإيمان، باب: ٤، وابن ماجة في المقدّمة، باب: في الإيمان، وأحمد في (م ١/ ص ٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>