للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الدين. قاله رافع بن حرملة فكفر بعيسى والإنجيل وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ قاله رجل من أهل نجران فكفر بموسى والتوراة كما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس. وَهُمْ أي الفريقان يَتْلُونَ الْكِتابَ المنزّل عليهم ويقولون ما ليس فيه وكان حق كل منهم أن يقر بحقيقة دين خصمه بحسب ما ينطق به كتابه فإن في كتاب اليهود تصديق عيسى وفي كتاب النصارى تصديق موسى كَذلِكَ أي مثل ذلك الذي سمعت به قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ كتاب الله.

قال السدي: هم العرب. وقال عطاء: هم أمم كانت قبل اليهود والنصارى كما أخرجهما ابن جرير مِثْلَ قَوْلِهِمْ بدل من كذلك بيان للكاف أي لأهل كل دين أنهم ليسوا على شيء يصح فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ من الدين يَخْتَلِفُونَ (١١٣) فيقسم لكل فريق منهم من العقاب الذي استحقه. وقال الحسن: أي فالله يكذبهم جميعا ويدخلهم النار وَمَنْ أَظْلَمُ أي لا أحد أظلم مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ بالصلاة والتسبيح وَسَعى أي عمل فِي خَرابِها بالهدم أو التعطيل بانقطاع الذكر أُولئِكَ المانعون الساعون في خرابها ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا المساجد إلا بخشية وخضوع، وقيل:

معنى هذه الجملة النهي عن تمكين الكفار من الدخول في المسجد. واختلف الأئمة في ذلك فجوزه أبو حنيفة مطلقا، ومنعه مالك مطلقا، وفرّق الشافعي بين المسجد الحرام وغيره، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنهم قريش كما قيل: إن هذه الآية نزلت في شأن مشركي العرب الذين منعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن

الدعاء إلى الله بمكة وألجأوه إلى الهجرة فصاروا مانعين له ولأصحابه أن يذكروا الله في المسجد الحرام. وقد كان الصديق رضي الله عنه كان له موضع صلاة فخربته قريش لما هاجر، ومن طريق الغنوي عن ابن عباس أنهم النصارى كما نقل عن ابن عباس أن طيطيوس بن اسبيانوس الرومي- ملك النصارى- وأصحابه غزوا بني إسرائيل وقتلوا مقاتلتهم وسبوا ذراريهم، وأحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير، ولم يزل بيت المقدس خرابا حتى بناه المسلمون في زمن عمر رضي الله عنه. ومعنى هذه الآية حينئذ ولا أحد أظلم في كفره ممن خرب بيت المقدس لكيلا يذكر فيه اسمه بالتوحيد والأذان وعمل في خرابه من إلقاء الجيف فيه. أولئك- أي أهل الروم- ما كان لهم أمن في دخوله إلا مستخفين من المؤمنين مخافة القتل وهذا الحكم عام لكل من فعل ذلك في أي مسجد كان لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ أي هوان بالقتل والسبي وضرب الجزية عليهم وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وهو عذاب النار وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ أي له تعالى كل الأرض فإن منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو المسجد الأقصى فقد جعلت لكم الأرض مسجدا فَأَيْنَما تُوَلُّوا وجوهكم في الصلاة بأمره فَثَمَّ أي هناك وَجْهُ اللَّهِ أي قبلته كما قاله مجاهد. وقرئ بفتح التاء واللام

<<  <  ج: ص:  >  >>