خمسين وسمكها ثلاثين. وجعل لها ثلاث بطون فحمل في أسفلها الدواب والوحوش، وفي وسطها الإنس، وفي أعلاها الطير، وركبها في عاشر رجب ونزل منها في عاشر المحرم وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي برسولنا نوح بالطوفان إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ (٦٤) عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ أي وأرسلنا إلى عاد الأولى واحدا منهم في النسب لا في الدين هُوداً أما عاد الثانية وهم ثمود فقوم صالح وبينهما مائة سنة قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) أي أتغفلون فلا تتقون عذاب الله تعالى فإنكم تعرفون أن قوم نوح لما لم يتقوا الله ولم يطيعوه نزل بهم ذلك العذاب الذي اشتهر خبره في الدنيا قالَ الْمَلَأُ أي الرؤساء الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ وإنما قال هنا الذين كفروا من قومه لأن الملأ من قوم هود كان فيهم من آمن ومن كفر، فممن آمن منهم مرثد بن أسعد أسلم وكان يكتم إيمانه بخلاف الملأ من قوم نوح فكلهم أجمعوا على ذلك الجواب فلم يكن أحد منهم مؤمنا في أول دعائهم إلى الإيمان إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ أي إنا نتيقنك يا هود متمكنا في خفة عقل حيث فارقت دين آبائك فإن هودا نهاهم عن عبادة الأصنام ونسب من عبدها إلى السفه وهو قلة العقل وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) في ادعاء الرسالة قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ أي ليس بي شيء مما تنسبونني إليه وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أي فإنه غاية من الرشد والصدق أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي بالأمر والنهي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أي أحذركم من عذاب الله وأدعوكم إلى الإيمان والتوبة أَمِينٌ (٦٨) أي موثوق على رسالة ربي وهذا رد لقولهم وإنا لنظنك من الكاذبين.
فكأن هودا قال لهم: كنت قبل هذه الدعوى أمينا فيكم ما وجدتم مني عذرا، ولا مكرا، ولا كذبا.
واعترفتم لي بكوني أمينا فكيف نسبتموني الآن إلى الكذب؟! أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ أي أكذبتم وعجبتم من أن جاءكم نبوة مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ أي على لسان آدمي مثلكم لِيُنْذِرَكُمْ أي ليحذركم عاقبة ما أنتم عليه من الكفر والمعاصي وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ بأن أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وما يتصل بها من المنافع والمصالح أو جعلكم ملوكا في الأرض فإن شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج إلى شجر عمان وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ أي في الناس بَصْطَةً وهي مقدار ما تبلغه يد الإنسان ففضلوا على أهل زمانهم بهذا القدر. أو المراد أنهم متشاركون في القوة والشدة، ولأن بعضهم يكون ناصرا للبعض الآخر وأزال العداوة والخصومة من بينهم فلما خصّهم الله تعالى بهذه الأنواع فصح أن يقال: إنهم زادوا في الخلق بسطة.
قرأ نافع والبزي وشعبة والكسائي بالصاد. وأبو عمرو، وهشام، وقنبل، وحفص وخلف بالسين. وابن ذكوان وخلاد بهما فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ أي نعماء الله عليكم واعملوا عملا يليق بتلك الإنعامات لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) أي لكي تنجوا من الكروب وتفوزوا بالمطلوب. قالُوا