للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها المطر فاحتملها إلى البحر بعد ما أقامت عليهم سبعة أيام من سبت إلى سبت، ثم أظهروا الكفر وَأقاموا شهرا في عافية، فأرسل الله عليهم الدَّمَ فصارت مياه قلبهم وأنهارهم دما، فلم يقدروا على الماء العذب حتى بلغ منهم الجهد، وبنو إسرائيل يجدون الماء العذب الطيب، وكان فرعون وأشراف قومه يركبون إلى أنهار بني إسرائيل، فجعل يدخل الرجل منهم النهر فإذا اغترف الماء صار في يده دما، ومكثوا سبعة أيام في ذلك لا يشربون إلا الدم. فقال فرعون لموسى عليه السلام: لئن رفعت عنا العذاب لنصدقن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل مع أموالهم آياتٍ مُفَصَّلاتٍ أي مبينات لا يخفى على كل عاقل أن هذه الخمسة من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره، ومفرقات بعضها من بعض بزمان لامتحان أحوالهم: أيقبلون الحجة أو يستمرون على التقليد. وكان كل عذاب يبقى عليهم أسبوعا من سبت إلى سبت وبين كل عذابين شهر فَاسْتَكْبَرُوا عن الإيمان بها وعن عبادة الله وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣) مصرين على الذنب وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ أي كلما نزل عليهم العذاب من الأنواع الخمسة قالُوا في كل مرة:

يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ أي بما أعلمك به وهو كشف العذاب عنا إن آمنا. أو المعنى أقسمنا بعهد الله عندك وهو النبوة لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ أي لئن رفعت عنا العذاب الذي نزل علينا لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) أي مع أموالهم فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ أي حدّ معين هُمْ بالِغُوهُ لا بدّ وهو وقت إهلاكهم بالغرق في اليم إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥) أي فلما رفعنا عنهم العذاب فاجأوا نكث العهد من غير تأمل وتوقف، ثم عند حلول ذلك الأجل لا نزيل عنهم العذاب بل نهلكهم به فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ أي فلما بلغوا الأجل الموقت أهلكناهم فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ أي البحر الملح. والفاء تفسيرية بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا التسع الدالة على صدق رسولنا وَكانُوا عَنْها أي تلك الآيات غافِلِينَ (١٣٦) أي معرضين غير ملتفتين إليها وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ بقتل أبنائهم وأخذ الجزية منهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة وهم بنو إسرائيل مَشارِقَ الْأَرْضِ أي أرض الشام ومصر وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها بالخصب وسعة الأرزاق، وبالنيل وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أي ومضى وعده تعالى عليهم بِما صَبَرُوا أي بسبب صبرهم على الشدائد. فمن قابل البلاء بالصبر وانتظار النصر ضمن الله له الفرج، ومن قابله بالجزع وكله الله إليه. وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ف «فرعون» اسم «كان» و «يصنع» خبر ل «كان» مقدم. أي وخربنا الذي كان فرعون يصنعه من المدائن والقصور وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧) أي يرفعون من الشجر والكروم أو ما كانوا يرفعونه من البنيان كصرح هامان.

وقرأ ابن عامر وشعبة بضم الراء. والباقون بكسرها وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ مع السلامة بأن فلق الله البحر عند ضرب موسى البحر بالعصا. روي أن موسى عبر بهم يوم عاشوراء

<<  <  ج: ص:  >  >>