للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الله تعالى ويعملون بمحكمه وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ أي بالكتاب المؤتى بأن يغيره فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) حيث اشتروا الكفر بالإيمان. يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ومن جملة النعمة: التوراة وذكر النعمة إنما يكون بشكرها، وشكرها الإيمان بجميع ما فيها، ومن لازم الإيمان بها الإيمان بنبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم لأن نعت النبي من جملة ما فيها وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ بالإسلام عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) أي الموجودين في زمانكم وَاتَّقُوا يَوْماً أي اخشوا عذاب يوم لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً من عذاب الله وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ أي فداء وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣) أي يمنعون مما يريد الله بهم، ثم ذكر الله تعالى قصة إبراهيم توبيخا لأهل الملل

المخالفين، وذلك لأن إبراهيم يعترف بفضله جميع الطوائف قديما وحديثا، فالمشركون كانوا متشرفين بأنهم من أولاده. ومن ساكني حرمه، وخادمي بيته، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا متشرفين بأنهم من أولاده فحكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام أمورا توجب على المشركين واليهود والنصارى قبول قول محمد صلّى الله عليه وسلّم والانقياد لشرعه، لأن ما أوجبه الله تعالى على إبراهيم جاء به محمد كأفعال الحج واستقبال الكعبة وفي ذلك حجة عليهم فقال تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ أي بأوامر ونواه. قيل: قال ابن عباس وقتادة: هي مناسك الحج كالإحرام والطواف والسعي والرمي.

وقال ابن عباس: هي عشر خصال كانت فرضا في شرعه، وهي سنة في شرعنا: خمس في الرأس، وخمس في الجسد. أما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وفرق الرأس أي فرق شعره إلى الجانب الأيمن والجانب الأيسر، وأما التي في البدن فالختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء. وقرأ ابن عباس وأبو حيوة إبراهيم ربه برفع إبراهيم ونصب ربه، والمعنى أن إبراهيم دعا ربه بكلمات من الدعاء كفعل المختبر هل يجيبه الله تعالى إليهن أم لا؟ فَأَتَمَّهُنَّ أي قام بها حق القيام وأداها أحسن التأدية من غير تفريط قالَ تعالى له إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً أي قدوة في الدين إلى يوم القيامة. والذي يكون كذلك لا بدّ وأن يكون رسولا من عند الله مستقلا بالشرع وأن يكون نبيا إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته مأمورا باتباعه في الجملة. قالَ أي إبراهيم وَمِنْ ذُرِّيَّتِي أي واجعل من بعض أولادي أئمة يقتدى بهم في الدين. قالَ الله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) أي لا يصيب عهدي بالإمامة والنبوة الكافرين. وكل عاص فإنه ظالم لنفسه.

وقرأ قتادة والأعمش وأبو رجاء «الظالمون» رفعا بالفاعلية و «عهدي» مفعول به وفي هذا دليل على عصمة الأنبياء عليهم السلام من الكبائر مطلقا وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ أي جميع الحرم مَثابَةً لِلنَّاسِ أي مرجعا لهم فإنهم يثوبون إليه كل عام بأعيانهم أو بأمثالهم كما قاله الحسن. أو

<<  <  ج: ص:  >  >>