إلى الله فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ أي فاعزموا على أمركم الذي تريدون بي من السعي في إهلاكي وَشُرَكاءَكُمْ أي وادعوا من يشاركونكم في الدين والقول، أو ادعوا أوثانكم التي سميتموها بالآلهة وتقدير «ادعوا» هو كما في مصحف أبي، ويصح أن يكون و «شركاءكم» مفعولا معه من الضمير في «فأجمعوا» . وقرأه الحسن وجماعة من القراء بالرفع عطفا عليه ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً أي خفيا. وليكن ظاهرا ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ أي أدوا إليّ ذلك الأمر الذي تريدون بي ونفذوه إليّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١) أي لا تمهلون بعد إعلامكم إياي ما اتفقتم عليه فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أي إن أعرضتم عن نصيحتي فلا ضير علي لأني ما سألتكم بمقابلة وعظي من أجر تؤدونه إليّ حتى يؤدي ذلك إلى إعراضكم إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ أي ما ثوابي على التذكير إلا عليه تعالى يثيبني به آمنتم أو توليتم وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) أي وإني مأمور بالاستسلام لكل ما يصل إليّ منكم لأجل هذه الدعوة فَكَذَّبُوهُ أي استمروا على تكذيب نوح بعد ما بين لهم المحجة فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ أي السفينة من المسلمين من الغرق وكانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة وَجَعَلْناهُمْ أي أصحاب نوح خَلائِفَ من الهالكين بالغرق فيسكنون في الأرض وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بالطوفان فَانْظُرْ يا أشرف الخلق كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) أي كيف صار آخر أمر الذين أنذرتهم الرسل فلم يؤمنوا ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ كان منهم هود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي فجاء كل رسول قومه المخصوصين بالمعجزات الدالة على صدق ما قالوا فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أي فما كانوا ليصدقوا بما كذبوا به من أصول الشرائع التي أجمعت عليها الرسل قاطبة.
ودعوا أممهم إليها من قبل مجيء رسلهم أي كانت حالهم بعد مجيء الرسل كحالهم قبل ذلك كأن لم يبعث إليهم أحد كَذلِكَ أي مثل ذلك الطبع نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) أي المتجاوزين عن الحدود في كل زمن ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ أي من بعد أولئك الرسل مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أي وأشراف قومه بِآياتِنا أي التسع: اليد، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والسنين، وطمس الأموال، فَاسْتَكْبَرُوا أي فأتياهم فبلغاهم الرسالة فاستكبروا عن اتباعهما أي ادعوا الكبر من غير استحقاق وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) أي دوي آثام عظام فلذلك اجترءوا على الاستهانة برسالة الله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا وهو العصا واليد البيضاء قالُوا من فرط عنادهم إِنَّ هذا أي الذي جاء به موسى لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) أي ظاهر يعرفه كل أحد قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ ما تقولون من أنه سحر أَسِحْرٌ هذا أي أسحر هذا الذي أمره واضح مكشوف وشأنه مشاهد معروف وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) أي والحال أنه لا يفلح فاعلو السحر وهذه جملة حالية من الواو في أتقولون قالُوا لموسى وهارون عاجزين عن المحاجة أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا أي لتصرفنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي من عبادة الأصنام