للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التدبر وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أي وإن تعجب يا أكرم الخلق من تكذيبهم إياك بعد ما كانوا قد حكموا عليك إنك من الصادقين فحقيق بالعجب قولهم: أنعاد خلقا جديدا بعد الموت، وبعد أن صرنا ترابا، وفينا الروح كما كنا قبل الموت، فإنهم عرفوا أن الله على كل شيء قدير فمن كانت قدرته وافية بهذه الأشياء العظيمة كيف لا تكون وافية بإعادة الإنسان بعد موته، لأن القادر على الأقوى قادر على الأضعف بالأولى أُولئِكَ أي المنكرون لقدرته تعالى على البعث بعد ما عاينوا الآيات الباهرة الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ لأنهم أنكروا قدرته وعلمه وصدقه في خبره وَأُولئِكَ أي أهل الكفر الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ يوم القيامة وَأُولئِكَ أي أهل الأغلال أَصْحابُ النَّارِ أي سكان النار هُمْ فِيها أي النار خالِدُونَ (٥) لا ينكفون عنها وَيَسْتَعْجِلُونَكَ استهزاء منهم بِالسَّيِّئَةِ أي بنزول العذاب عليهم قَبْلَ الْحَسَنَةِ أي قبل طلب الإحسان إليهم بالإمهال، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يهددهم تارة بعذاب القيامة وتارة بعذاب الدنيا فكلما هددهم بعذاب القيامة، أنكروا البعث والجزاء وكلما هددهم بعذاب الدنيا قالوا له استهزاء بإنذاره: فجئنا بهذا العذاب وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ أي والحال أنه قد مضت العقوبات النازلة على أمثالهم من المكذبين فما لهم لا يعتبرون بها وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ أي لذو إمهال لهم وتأخير للعذاب عنهم عَلى ظُلْمِهِمْ أي حال كونهم ظالمين أنفسهم بالمعاصي وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) فيعاقب من يشاء منهم حين يشاء فتأخير ما استعجلوه ليس للإهمال وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا وهم المستعجلون بالعذاب أيضا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ أي قالوا عنادا: هلا أنزل على محمد من ربه علامة لنبوته كما أنزل على موسى وعيسى عليهما السلام قال تعالى له صلّى الله عليه وسلّم إزالة لرغبته في حصول مقترحاتهم: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ أي إنما أنت يا أشرف الخلق رسول مخوف من سوء عاقبة ما يأتون ويذرون ولا حاجة إلى إلزامهم بإتيان ما اقترحوا من الآيات وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) أي نبي مخصوص له هداية مخصوصة فلما كان الغالب في زمان موسى هو السحر جعل معجزته من جنس ذلك وهو العصا واليد، ولما كان الغالب في أيام عيسى الطب جعل معجزته ما كان من جنس ذلك وهو إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ولما كان الغالب في أيام الرسول صلّى الله عليه وسلّم الفصاحة جعل معجزته ما كان لائقا بذلك الزمان، وهو فصاحة القرآن، فلما كان العرب لم يؤمنوا بهذه المعجزة مع كونها أليق بطباعهم فبأن لا يؤمنوا عند إظهار سائر المعجزات أولى اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى من حين العلوق إلى زمن الولادة من أي شيء متحمل وعلى أي حال وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ أي في عدد الولد واحد واثنين وثلاثة وأربعة، وفي جثته فقد يكون الولد مخدجا وتاما وفي مدة ولادته فقد يكون مدة الحمل تسعة أشهر وأزيد عليها إلى سنتين عند أبي حنيفة وإلى أربعة سنين عند الشافعي وإلى خمسة عند مالك. وَكُلُّ شَيْءٍ من الأشياء عِنْدَهُ أي في علمه تعالى بِمِقْدارٍ (٨) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>