للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر والمعاصي تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أي أنهار الخمر والماء والعسل واللبن أُكُلُها دائِمٌ أي ثمرها لا ينقطع وَظِلُّها كذلك أيضا فليس هناك حر ولا برد ولا شمس ولا قمر ولا ظلمة تِلْكَ أي الجنة عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا أي منتهى أمرهم وَعُقْبَى الْكافِرِينَ أي آخر أمرهم النَّارُ (٣٥) لا غير وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ أي أعطيناهم علم التوراة والإنجيل، وهم من أسلم من اليهود كعبد الله بن سلام وكعب وأصحابهما، ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلا أربعون بنجران، وثمانية باليمن، واثنان وثلاثون بالحبشة يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ أي بالقرآن لكونهم آمنوا به وَمِنَ الْأَحْزابِ أي بقية أهل الكتاب وسائر المشركين مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ أي بعض القرآن وهو الشرائع الحادثة قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وحده فعبادة الله واجبة على المرء فبهذا يبطل القول بالجبر المحض، وقول نفاة التكاليف ولا تمكن عبادة الله إلا بعد معرفة الله ولا سبيل إلى معرفته إلا بالدليل. فهذا دليل على أن المرء مكلف بالنظر والاستدلال في معرفة ذات الصانع وصفاته وما يجب وما يجوز وما يستحيل عليه وَلا أُشْرِكَ بِهِ وهذا يدل على نفي الشركاء فيبطل من أثبت معبودا سوى الله تعالى سواء قال: إن المعبود هو الشمس أو القمر أو الكواكب، أو الأصنام، أو الأرواح العلوية، أو يزدان وأهرمن على ما يقوله المجوس أو النور والظلمة على ما يقوله الثنوية. إِلَيْهِ أي إلى الله خاصة أَدْعُوا خلقه فكما يجب عليه صلّى الله عليه وسلّم الإتيان بالعبادة كذلك يجب عليه صلّى الله عليه وسلّم الدعوة إلى عبودية الله تعالى. وهذا إشارة إلى نبوته صلّى الله عليه وسلّم وَإِلَيْهِ أي إلى الله تعالى وحده مَآبِ (٣٦) أي مرجعي للجزاء. وهذا إشارة إلى النشر والحشر، والبعث والقيامة. فإذا تأمل الإنسان في هذه الألفاظ القليلة عرف أنها محتوية على جميع المطالب في الدين. وَكَذلِكَ أي كما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلسانهم أَنْزَلْناهُ أي ما أنزل إليك حُكْماً أي حاكما يحكم في القضايا والواقعات عَرَبِيًّا أي مترجما بلسان العرب وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ أي الكفار بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ الفائض من ذلك الحكم العربي ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ أي قريب ينفعك وَلا واقٍ (٣٧) أي مانع يمنعك من مصارع السوء.

روي أن المشركين دعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ملة آبائه فهدده الله تعالى على اتباع أهوائهم في ذلك وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً أي نساء فقد كان لسليمان ثلاثمائة امرأة حرة وسبعمائة سرية وكان لأبيه داود مائة امرأة وَذُرِّيَّةً أي أولادا مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ مما اقترح عليه إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي بإرادته لِكُلِّ أَجَلٍ أي لكل وقت من الأوقات كِتابٌ (٣٨) أي حكم معين مكتوب في صحف الملائكة التي تنسخها من اللوح المحفوظ فقد أثبت فيها أن أمر كذا يكون في وقت كذا على ما تقتضيه الحكمة يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الأحكام لما تقتضيه الحكمة بحسب الوقت وَيُثْبِتُ أي يبقيه على حاله وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) أي أصله وهو اللوح المحفوظ إذ ما من شيء من الذاهب والثابت إلا وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>