أي لو خلصنا الله من العقاب وهدانا إلى طريق الجنة لهديناكم طريق النجاة ودفعنا عنكم بعض العذاب ولكن سد الله عنا طريق الخلاص سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا مما لقينا أَمْ صَبَرْنا على ذلك أي الصياح، فالتضرع والصبر مستويان علينا في عدم الإنجاء ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) أي محل هرب من العقاب وَقالَ الشَّيْطانُ أي يقول إبليس رئيس الشياطين خطيبا في محفل الأشقياء من الثقلين لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي فرغ منه بأن استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار وقد قالوا له: اشفع لنا فإنك أضللتنا إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وهو الوعد بالبعث والجزاء على الأعمال فصدق في وعده إياكم وَوَعَدْتُكُمْ أن لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار ولئن كان فالأصنام شفعاؤكم فَأَخْلَفْتُكُمْ أي كذبت لكم وتبين خلف وعدي وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ أي حجة تدل على صدقي أو قهر فأقهركم على الكفر والمعاصي إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ أي إلا دعائي إياكم إلى الضلالة بوسوستي فَاسْتَجَبْتُمْ لِي أي أجبتموني فَلا تَلُومُونِي بوعدي إياكم حيث لم يكن ذلك على طريقة القسر وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ حيث أجبتموني باختياركم حين دعوتكم بلا دليل فما كان مني إلا الدعاء وإلقاء الوسوسة وقد سمعتم دلائل الله، وجاءتكم الرسل، وكان من الواجب عليكم أن لا تغتروا بقولي فلما رجحتم قولي على الدلائل الظاهرة كان اللوم عليكم لا علي في هذا الباب ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ أي بمغيثكم من عذابكم وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ أي بمغيثي من عذابي إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ أي إني الآن تبرأت من إشراككم إياي مع الله في الطاعة من قبل هذا اليوم، أي في الدنيا أي، لأن الكفار كانوا يطيعون إبليس في أعمال الشر كما يطاع الله في أعمال الخير. ومعنى إشراكهم إبليس بالله تعالى طاعتهم لإبليس في تزيينه لهم في عبادة الأوثان. إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٢) هذا تمام كلام إبليس قطعا لأطماع أولئك الكفار عن الإغاثة فالوقف على من قبل حسن أو ابتداء كلام من حضرة الله تعالى إيقاظا للسامعين حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم فالوقف على من قبل تام كما هو عند أبي عمرو وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بأدخل أي أدخلتهم الملائكة بأمر ربهم تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣) فإن بعضهم يحيي بعضا بهذه الكلمة، والملائكة يحيونهم بها والرب الرحيم يحييهم أيضا بهذه الكلمة.
وقرأ الحسن «وأدخل» على صيغة التكلم وعلى هذه القراءة فقوله: «بإذن» ربهم متعلق «بتحيتهم» أي تحييهم الملائكة بالسلام بإذن ربهم. أَلَمْ تَرَ أي ألم تخبر يا أشرف الخلق كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً أي كيف جعل الله كلمة طيبة وهي لا إله إلا الله مثلا وهي كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهي النخلة أَصْلُها ثابِتٌ أي ضارب بعروقه في الأرض وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) أي أعلاها في الهواء تُؤْتِي أُكُلَها أي تعطي هذه الشجرة ثمرها كُلَّ حِينٍ أي