للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام والأمم من لدن آدم عليه السلام لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أي تتقون الله بصومكم وترككم للشهوات فالرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في غيرهما والاتقاء عنهما أشق فإذا سهل عليكم اتقاء الله بتركهما كان اتقاء الله بترك غيرهما أسهل وأخف أو المعنى لعلكم تتقون ترك المحافظة على الصوم بسبب عظم درجاته أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ أي في أيام مقدرات بعدد معلوم ثلاثين يوما وهي رمضان فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً مرضا يضره الصوم ولو في أثناء اليوم أَوْ عَلى سَفَرٍ أي مستقرا على سفر قصر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي فعليه إن أفطر صوم عدة أيام المرض والسفر أي بقدر ما أفطر من رمضان ولو مفرقا. وعن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال: إن الله تعالى لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه إن شئت فواتر وإن شئت ففرّق.

وروي أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم علي أيام من رمضان أفيجزيني أن أقضيها متفرقة؟ فقال له:

«أرأيت لو كان عليك دين فقضيته الدرهم والدرهمين أما كان يجزيك؟» قال: نعم. قال: «فالله أحق أن يعفو ويصفح»

«١» .

وعن عائشة أن حمزة الأسلمي سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله هل أصوم على السفر؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «صم إن شئت وأفطر إن شئت»

«٢» .

وروى الشافعي أن عطاء قال لابن عباس أقصر إلى عرفة؟ فقال: لا، فقال: إلى مر الظهران؟ فقال: لا، لكن اقصر إلى جدة وعسفان والطائف. قال مالك: بين مكة وجدة وعسفان أربعة برد. وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أي وعلى المطيقين للصيام إن أفطروا فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ أي قدر ما يأكله في يوم وهو مد من غالب قوت بلده. وقرأ نافع وابن عامر بإضافة فدية وجمع مساكين. قال ابن عمر وسلمة بن الأكوع وغيرهما: إن هذه الآية منسوخة وذلك أنهم كانوا في صدر الإسلام مخيّرين بين الصيام والفدية، وإنما خيّرهم الله تعالى بينهما لأنهم كانوا لم يتعودوا الصيام فاشتد عليهم فرخص الله لهم في الإفطار. وقيل: إن هذه الآية نزلت في حق الشيخ


(١) رواه البخاري في كتاب الصوم، باب: من مات وعليه صوم، «بما معناه» ، ومسلم في كتاب الصيام، باب: ١٥٤.
(٢) رواه البخاري في كتاب الصوم، باب: الصوم في السفر والإفطار، ومسلم في كتاب الصيام، باب: ١٠٣، والدارمي في كتاب الصوم، باب: الصوم في السفر، وأبو داود في كتاب الصوم، باب: الصوم في السفر، والنسائي في كتاب الصيام، باب: ذكر الاختلاف على سليمان بن يسار، وابن ماجة في كتاب الصيام، باب: ما جاء في الصوم في السفر، والموطأ في كتاب السفر، باب: ما جاء في
الصيام في السفر، وأحمد في (م ٦/ ص ٤٦، ١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>