للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجوم يضيفون أكثر هذه النعم إلى الطبائع وإلى النجوم وذلك يوجب كونهم جاحدين لكونها من الله تعالى. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «تجحدون» بالتاء على الخطاب وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي من جنسكم أَزْواجاً أي زوجات لتأنسوا بها وتقيموا بها مصالحكم.

قال الأطباء: والتفاوت بين الذكر والأنثى إن الذكر أسخن مزاجا، والأنثى أكثر رطوبة، فالمني إذا انصب إلى الخصية اليمنى من الرجل، ثم انصب منها إلى الجانب الأيمن من الرحم كان الولد ذكرا تاما في الذكورة. وإن انصب إلى الخصية اليسرى من الرجل ثم انصب منها إلى الجانب الأيسر من الرحم كان الولد أنثى تاما في الأنوثة، وإن انصب إلى الخصية اليمنى ثم انصب منها إلى الجانب الأيسر كان الولد ذكرا في طبيعة الإناث، وإن انصب إلى الخصية اليسرى، ثم انصب منها إلى الجانب الأيمن من الرحم كان الولد أنثى في طبيعة الذكور وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ أي من نسائكم بَنِينَ وَحَفَدَةً أي خدما يسرعون في طاعتكم وهم إما أولاد الأولاد وإما البنات فإنهن يخدمن البيوت أتم خدمة وإما الأختان على البنات أي فيحصل لهم الأختان بسبب البنات وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي بعض اللذائذ من النبات والحيوان فالمرزوق في الدنيا أنموذج لما في الآخرة وكل الطيبات في الجنة أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ أي أيكفرون بالله الذي شأنه ذلك المذكور ويؤمنون بالباطل بأن يحرموا على أنفسهم طيبات أحلها الله لهم مثل البحيرة والسائبة والوصيلة، ويبيحوا لأنفسهم محرمات حرمها الله عليهم وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح على النصب أي لم يحكمون بتلك الأحكام الباطلة وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (٧٢) أي وبأنعام الله في تحليل الطيبات وتحريم الخبيثات يجحدون وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً أي أيعبدون الأصنام التي لا تملك لعبدتهم رزقا من المطر والنبات لا قليلا ولا كثير، فشيئا بدل من رزقا وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) أي وليس للأصنام استطاعة تحصيل الملك وهذا معطوف على ما لا يملك وعبر عن الأصنام بلفظ ما اعتبارا للحقيقة، وبلفظ جمع العقلاء اعتبارا لاعتقادهم فيها أنها آلهة فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ أي لا تشبهوا الله تعالى بخلقه في شأن من الشؤون فإن عبدة الأوثان كانوا يقولون: إن إله العالم أعظم من أن يعبده الواحد منا بل نحن نعبد الكواكب أو هذه الأصنام، ثم إن الكواكب والأصنام عبيد الإله الأكبر الأعظم فإن أصاغر الناس يخدمون أكابر خدم الملك وأولئك الأكابر يخدمون الملك فكذا هاهنا فعند هذا قال الله تعالى لهم: اتركوا عبادة هذه الأصنام والكواكب ولا تجعلوا لله الأمثال التي ذكرتموها وكونوا مخلصين في عبادة الإله القدير الحكيم إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أن خطأ قولكم الاشتغال بعبادة عبيد الملك أدخل في التعظيم من الاشتغال بعبادة نفس الملك، لأن هذا الدليل قياس، والقياس يجب تركه عند ورود النص وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤) ذلك فتقعون في مهاوي الضلال ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا بالعبد والحر عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من التصرفات وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً أي

<<  <  ج: ص:  >  >>