البيوت ابتناه الله تعالى لسليمان بن داود عليهم السلام من ذهب وفضة، ودرّ وياقوت وزمرد» وذلك أن سليمان بن داود لما بناه سخّر له الجن يأتونه بالذهب والفضة من المعادن، وأتوه بالجواهر والياقوت والزمرد، وسخّر له الجن حتى بنوه من هذه الأصناف. قال حذيفة: فقلت:
يا رسول الله كيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إن بني إسرائيل لما عصوا الله وقتلوا الأنبياء سلط الله عليهم بختنصر، وهو من المجوس، وكان ملكه سبعمائة سنة»
فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ أي فترددوا في أوساط الديار، ودخلوا بيت المقدس، وقتلوا الرجال، وسبوا النساء والأطفال وأخذوا الأموال وجميع ما كان في بيت المقدس من هذه الأصناف فاحتملوها على سبعين ألفا ومائة ألف عجلة حتى أودعوها أرض بابل فأقاموا يستخدمون بني إسرائيل ويستملكونهم بالخزي والعقاب والنكال مائة عام. وَكانَ أي ذلك البعث وَعْداً مَفْعُولًا (٥) أي منجزا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ أي الدولة عَلَيْهِمْ أي على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم عن ذنوبكم ورجعتم عن الإفساد بظهور كورش الهمذاني على بختنصر. وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ كثيرة بعد ما نهبت أموالكم وَبَنِينَ بعد ما سبيت أولادكم وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) أي رجالا وعددا، أي ثم إن الله عز وجل رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس وهو كورش الهمذاني أن تسير إلى المجوس في أرض بابل وأن تستنقذ من في أيديهم من بني إسرائيل، فسار إليهم ذلك الملك حتى دخل أرض بابل فاستنفذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس، واستنقذ ذلك الحلي الذي كان من البيت المقدس ورده الله إليه كما كان أول مرة إِنْ أَحْسَنْتُمْ بفعل الطاعات أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فإنّ ببركة تلك الطاعات يفتح الله عليكم أبواب الخيرات، وَإِنْ أَسَأْتُمْ بفعل المحرمات فَلَها أي فقد أسأتم إلى أنفسكم فإن بشؤم تلك المعاصي يفتح الله عليكم أبواب العقوبات فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أي وعد المرة الآخرة بعثنا تطوس بن إسبيانوس الرومي مع جنوده لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ أي ليجعلوا آثار الحزن ظاهرة في وجوهكم.
وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وحمزة «ليسوء» بالتوحيد أي ليحزن الله، أو الوعد أو البعث وجوهكم، وقرأ الكسائي «لنسوء» بنون العظمة وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ أي بيت المقدس كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي كما دخل الأعداء فيه في أول مرة وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا أي ليهلكوا البلاد التي علوا عليها تَتْبِيراً (٧) أي إهلاكا، أي فلما رجعت بنو إسرائيل إلى البيت المقدس عادوا إلى المعاصي فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر، فغزاهم في البر والبحر فسباهم وقتلهم،
(١) رواه الشجري في الأمالي (٢: ٢٣١) ، والطبراني في المعجم الكبير (١٠: ١٧٩) .