وعن أبي هريرة قال: أطعمتهما امرأة من أهل بربرة بعد أن طلبا من الرجال فلم يطعموهما فدعوا لنسائهم ولعنا رجالهم فقوله تعالى: «استطعما» جواب «إذا» أو صفة ل «قرية» . فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانوا أهل قرية لئاما فَوَجَدا فِيها أي القرية جِداراً مائلا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ أي يقرب من السقوط وكان ارتفاعه مائة ذراع وعرضه خمسون ذراعا وامتداده على وجه الأرض خمسمائة ذراع فَأَقامَهُ أي رفعه الخضر بيده فاستقام أو مسحه بيده فاستوى أو هدمه ثم بناه قالَ موسى: لَوْ شِئْتَ يا خضر لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧) أي طلبت على عملك أجرة تصرفها إلى تحصيل المطعوم، وتحصيل سائر المهمات أي كان ينبغي لك أن تأخذ منهم جعلا على فعلك لتقصيرهم فينا مع حاجتنا وليس لنا في إصلاح الجدار فائدة فهو من فضول العمل.
وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«كانت الأولى من موسى نسيانا، والوسطى شرطا، والثالثة عمدا»
«١» قيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر أنها حجة على موسى وعتب عليه، وذلك أنه لما أنكر خرق السفينة نودي: يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحا في اليم؟ فلما أنكر أمر الغلام قيل له: أين إنكارك هذا من وكزك للقبطي وقضائك عليه؟
فلما أنكر إقامة الجدار نودي: أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر؟ قالَ له الخضر: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أي هذا الإنكار على ترك الأجر سبب فراق حصل بيني وبينك سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) السين للتأكيد لا للاستقبال لعدم تراخي التنبئة أي أظهر لك بيان وجه ما لم تصبر عليه أي حكمة هذه الأمور الثلاثة قبل فراقي لك. أَمَّا السَّفِينَةُ التي خرقتها فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فيعيرون بالناس مؤاجرين للسفينة لحمل الأمتعة ونحوها كانت لعشرة إخوة من المساكين ورثوها من أبيهم خمسة زمنى وخمسة يعملون في البحر فأما العمال منهم.
فأحدهم: كان مجذوما.
والثاني: كان أعور.
والثالث: كان أعرج.
والرابع: كان آدر.
والخامس: كان محموما لا تنقطع عنه الحمى الدهر كله وهو أصغرهم.
(١) رواه الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١: ٣١٧) ، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار (٤: ٢٨) .