السماوية في كونه آية دالة على صدق محمد، حتى طلبوا غيرها، فإن في الصحف الأولى: بشارة بصفة محمد، ونبوته، وبعثته، وأنباء الأمم الماضية، وإهلاكهم بتكذيب الرسل وجحود الآيات. وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ، أي ولو أنا أهلكنا أهل مكة في الدنيا بعذاب مستأصل من قبل مجيء محمد إليهم بالقرآن، لَقالُوا يوم القيامة: رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا أي لم لم ترسل إلينا في الدنيا، رَسُولًا مع كتاب، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ، أي فنطيع رسولك ونؤمن بكتابك مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ، أي أن يحصل لنا الذل بالعذاب في الدنيا وَنَخْزى (١٣٤) . أي أن يحصل لنا الفضيحة بدخول النار اليوم، ولكنا لم نهلكهم قبل إتيان البينات، فانقطعت معذرتهم، فعند ذلك قالوا: بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ، فَكَذَّبْنا، وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ [الملك: ٩] .
روي أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة: الهالك، في الفترة يقول لم يأتني رسول وإلّا كنت أطوع خلقك لك، والمغلوب عقله، يقول: لم تجعل لي عقلا أنتفع به، ويقول الصبي: كنت صغيرا لا أعقل، فترفع لهم نار، ويقال لهم: ادخلوها، فيدخلها من كان في علم الله أنه سعيد، ويبقى من في علمه أنه شقي، فيقول الله تعالى لهم: عصيتم اليوم، فكيف برسلي لو أتوكم» .
«١» قُلْ لأولئك الكفرة المتمردين:
كُلٌّ أي كل واحد منا ومنكم مُتَرَبِّصٌ أي منتظر لما يؤول إليه أمرنا وأمركم. إما قبل الموت: بسبب الأمر بالجهاد، وبسبب ظهور القوة، وإما بالموت: فإن كل واحد من الخصمين ينتظر موت صاحبه. وإما بعد الموت: بظهور أمر الثواب والعقاب، فيظهر على المحق أنواع كرامة الله تعالى، وعلى المبطل أنواع إهانته. فَتَرَبَّصُوا. وقرئ «فتمتعوا» . فَسَتَعْلَمُونَ، عن قريب بوعد من الله لا خلف فيه، مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ أي العدل. وقرئ «السواء» أي الوسط الجيد. وقرئ «السوء» ، و «السوأى» ، و «السوي» ، تصغير السوء وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥) إليه أنحن أم أنتم؟ وهذا تهديد الكفار.