رماكه، ولم تلد فرسه، وذهب ماله، وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان وقال له: ما جاءتك هذه الشرور إلا بسبب هذا الدين، فينقلب عن دينه، وهذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والكلبي رضي الله عنه. خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ.
قرأ العامة «خسر» فعلا ماضيا وهو استئناف أو حال من فاعل «انقلب» ، أو بدل من «انقلب» . وقرأ مجاهد «خاسر» بصيغة اسم الفاعل منصوبا على الحال. وقرئ بالرفع على الفاعلية، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، وذلك لأنه يذهب في الدنيا الكرامة، وإصابة الغنيمة، وأهلية الشهادة، والإمامة، والقضاء، وعصمة ماله ودمه، ويفوت في الآخرة الثواب الدائم، ويحصل له العقاب الدائم. ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) أي الواضح إذ لا خسران مثله يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ استئناف مبين لعظم الخسران، وهي واردة في المشركين الذين قدموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعلى وجه النفاق وهم: بنو الحلاف، منافقو بني أسد وغطفان، أي أيعبد من ذكروهم بنو الحلاف متجاوزا عبادة الله تعالى، جمادا لا يضرّه إذا لم يعبده، ولا ينفعه إن عبده ذلِكَ العبادة هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) عن الصواب، وهو الكفر العظيم. يَدْعُوا بالقول لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ، استئناف مذكور لبيان عاقبة عبادته المذكورة، فالدعاء بمعنى القول، واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له، و «من» مبتدأ، و «ضره» مبتدأ ثان، خبر «أقرب» ، والجملة صلة للمبتدأ الأول. أي يقول ذلك الكافر يوم القيامة بصراخ حين يرى تضرّره بمعبوده ودخوله النار بسببه، لمن ضرّه أقرب من نفعه والله، لَبِئْسَ الْمَوْلى أي الناصر هو، وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) أي الصاحب هو إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لأن عبادتهم حقيقية، ومعبودهم يعطيهم أعظم المنافع وهو الجنة إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) بهم من أنواع الفضل والإحسان زيادة على أجورهم مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) .
أي من ظن أن لن ينصر الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا بإعلاء كلمته، وإظهار دينه وفي الآخرة بإعلاء درجته والانتقام ممن كذبه، فليطلب سببا يصل به إلى سماء الدنيا فليقطع نصر الله لنبيه، ولينظر هل يتهيأ له الوصول إلى السماء بحيلة، وهل يتهيأ له أن يقطع بذلك نصر الله عن رسوله، فإذا كان ذلك ممتنعا كان غيظه عديم الفائدة، وهذا زجر للكفار عن الغيظ فيما لا فائدة فيه، فإن أعداءه صلّى الله عليه وسلّم، كانوا يتمنون أن لا ينصره الله، وأن لا يعليه على أعدائه، فمتى شاهدوا أن الله نصره غاظهم ذلك. وَكَذلِكَ أي مثل ذلك الإنزال أَنْزَلْناهُ أي القرآن آياتٍ بَيِّناتٍ أي واضحات الدلالة على معانيها الرائقة فآيات حال من الهاء وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) هدايته، بأن يخلق له المعرفة ومحل الجملة، إما الجر على حذف الجار المتعلق بمحذوف مؤخر، أي ولأن الله يهدي من يريد أنزله كذلك، أو الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والأمر أن الله يهدي