أي عند ذبحها وفي هذا تنبيه على أن المقصود الأصلي من طلب الذبائح تذكر المعبود وعلى أن القربان يجب أن يكون من الأنعام فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فلا تذكروا على ذبائحكم غير اسم الله وفي هذا بيان أن الله تعالى واحد في ذاته كما أنه واحد في إلهيته لكل الخلق فَلَهُ أَسْلِمُوا أي فإذا كان إلهكم إلها واحدا فأخلصوا له الذكر بحيث لا يشوبه إشراك ألبتة وانقادوا له تعالى في جميع تكاليفه وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) أي المتواضعين فالحج من صفات المتواضعين كالتجرد عن اللباس، وكشف الرأس، والغربة من الأوطان الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ من مشاق التكليف والمصائب، فأما ما يصيبهم من قبل الظلمة فالصبر عليه غير واجب بل إن أمكنه دفع ذلك لزمه الدفع ولو بالمقاتلة وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ في أوقاتها.
وقرأ الحسن «والمقيمي الصلاة» بنصب «الصلاة» على تقدير النون. وقرأ ابن مسعود «والمقيمين الصلاة» على الأصل وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) في وجوه الخيرات وأمر الله تعالى رسوله أن يبشر بالجنة المتواضعين المتصفين بوجل القلوب إذا أمروا بأمر من الله تعالى وبالصبر إذا أصابهم البلاء من الله تعالى وبإقامة الصلاة في وقت السفر للحج وبصدقة التطوع، أي لذلك الوجل أثران الصبر على البلايا التي من قبل الله تعالى والاشتغال بالخدمة بالنفس وبالمال وهما أعز الأشياء عند الإنسان، فالخدمة بالنفس: هي الصلاة. والخدمة بالنفس وبالمال: هي إنفاقه في وجوه الخيرات وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أي أعلام دينه وهو مفعول ثان و «لكم» متعلق به «والبدن» عند الشافعي خاصة بالإبل، وعند أبي حنيفة الإبل والبقر لَكُمْ فِيها أي البدن خَيْرٌ أي منافع دينية ودنيوية هي درها ونسلها وصوفها وظهرها فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها أي على نحرها صَوافَّ أي قياما على ثلاث قوائم قد صفت رجليها ويدها اليمنى ويد أخرى معقولة فينحرها كذلك بأن تقولوا عند الذبح بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك.
وقرئ «صوافن» بضم النون. وقرئ «صوافي» أي خوالص لوجه الله تعالى، لا تشركوا بالله في التسمية أحدا على نحرها وخوالص من العيوب. وعن عمرو بن عبيد «صوافيا» بالتنوين عوضا عن حرف الإطلاق عند الوقف فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها أي سقطت على الأرض وذلك عند خروج الروح منها فَكُلُوا مِنْها إن شئتم إذا كانت الأضاحي تطوعا وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ أي الراضي بما يدفع إليه من غير سؤال وَالْمُعْتَرَّ أي الذي يعتر بالسلام ولا يسأل بل يري نفسه للناس كالزائر كَذلِكَ مع كمال عظمها ونهاية قوتها، أي فالله تعالى جعل الإبل والبقر بالصفة التي يمكننا تصريفها على ما نريد وذلك نعمة عظيمة من الله تعالى في الدنيا والدين لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) أي لتشكروا إنعامنا عليكم بالإخلاص لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ أي لن يصل إلى الله تعالى أي إلى مرضاته لحوم القرابين ولا دماؤها، ولكن يقبل