الذنب العظيم وَأَصْلَحُوا أعمالهم بعد التوبة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) فحينئذ لا ينظمهم في سلك الفاسقين، ومحل المستثنى نصب، لأنه من مثبت وهو راجع إلى الفسق فقط كما قال أبو حنيفة:
إن الفاسق لا تقبل شهادته وإن تاب أو هذا الاستثناء راجع إلى رد الشهادة وإلى الفسق كما هو مذهب مالك والشافعي، وكما يروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وجمع من الصحابة، فمحل المستثنى حينئذ الجر على البدلية من الضمير في «لهم» ، فعند الشافعي: أن التائب تقبل شهادته ويزول فسقه، ومعنى الأبد عنده مدة كونه قاذفا فتنتهي بالتوبة. قال الشافعي: التوبة من القذف إكذابه نفسه، كما روي عن عمر بن الخطاب أنه ضرب الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة، وهم أبو بكرة ونافع ونفيع، ثم قال لهم: من أكذب نفسه قبلت شهادته ومن لا يفعل لم أجز شهادته فأكذب نافع ونفيع وتابا وكان عمر يقبل شهادتهما، وأما أبو بكرة فكان لا يقبل شهادته، وما أنكر على عمر أحد من الصحابة، واتفق الأئمة الأربعة على عدم رجوع الاستثناء إلى قوله تعالى:
فَاجْلِدُوهُمْ فالقاذف يجلد عند الجميع سواء تاب أو لم يتب وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ بالزنا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ بدل من شهداء أو صفة لها على أن الا بمعنى غير، أو وجدت البينة ولكن لم يريدوا إظهارها فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) .
وقرأ حفص وحمزة والكسائي برفع أربع خبر لشهادة وبالله متعلق بشهادات، والباقون بنصب «أربع» على أنه مفعول مطلق والعامل فيه شهادة وهو خبر لمبتدأ محذوف، أي فالواجب شهادة، أو مبتدأ محذوف الخبر أي فشهادة كل واحد منهم واجبة وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) فيما رماها به من الزنا.
وقرأ نافع بسكون نون «أن» ، ورفع لعنة. والباقون بتشديد النون ونصب «لعنة» وهو خبر، و «الخامسة» أو بدل منها أو على تقدير حرف الجر أي بأن لعنة الله، ويجوز أن تكون الخامسة معطوفا على المبتدأ، فالخبر المحذوف خبر عن المعطوف والمعطوف عليه وجملة و «الخامسة أن لعنة الله» إلخ معترضة بين المبتدأ وخبره المحذوف. وقرئ و «الخامسة» بالنصب على معنى: ويشهد الخامسة كما قاله الرازي: وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أي يدفع عن المقذوفة حد الزنا الذي ثبت بيمين القاذف أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) فيما رماها به من الزنا وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ أي زوجها مِنَ الصَّادِقِينَ (٩) فيما قال عليها. وقرأ حفص و «الخامسة» بالنصب، أي وتشهد الشهادة الخامسة وما بعدها بدل منها أو على تقدير حرف الجر والباقون بالرفع وما بعدها خبرها.
وقرأ نافع «أن» بالسكون و «غضب الله» بكسر الضاد، وضم الجلالة على أنه فعل وفاعل، والباقون بتشديد «أن» ، وقرئ غضب بالرفع مع تخفيف «أن» .
روي أن هلال بن أمية قذف امرأته بالزنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم بشريك بن سمحاء فقال صلّى الله عليه وسلّم: «إما