للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي اشترت نفسها من زوجها بمهرها.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لثابت: «خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها»

«١» . ففعل فكان ذلك أول خلع في الإسلام. وفي سنن أبي داود أن المرأة كانت حفصة بنت سهل الأنصارية.

تنبيه: يجوز أن يكون أول الآية وهو قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا خطابا للأزواج وآخرها. وهو قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ خطابا للأئمة والحكام، وذلك غير غريب في القرآن. ويجوز أن يكون الخطاب كله للأئمة والحكام لأنهم الذين يأمرون بالأخذ والإعطاء عند الترافع إليهم فكأنهم هم الآخذون والمؤتون، ثم الخوف المذكور في هذه الآية يمكن حمله على الخوف المعروف وهو الإشفاق مما يكره وقوعه، ويمكن حمله على الظن كما قرئ قراءة شاذة «إلا أن يظنوا» . والخوف إما أن يكون من قبل المرأة فقط أو من قبل الزوج فقط أو من قبلهما معا، أو لا يحصل الخوف من قبل واحد منهما فإن كان الخوف من قبل المرأة بأن تكون ناشزة مبغضة للزوج فيحل له أخذ المال منها، وإن كان من قبل الزوج فقط بأن يضربها ويؤذيها حتى تلتزم الفداء فهذا المال حرام كما كان الخوف حاصلا من قبلهما معا فذلك المال حرام أيضا وإن لم يحصل الخوف من قبل واحد منهما. فقال أكثر المجتهدين: إن هذا الخلع جائز والمال المأخوذ حلال. وقال قوم: إنه حرام تِلْكَ أي ما تقدم ذكره من أحكام الطلاق والرجعة والخلع حُدُودَ اللَّهِ أي أحكام الله بين المرأة والزوج فَلا تَعْتَدُوها أي فلا تتجاوزوا عنها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ أي ومن يتجاوز أحكام الله إلى ما نهى الله عنه له فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) أي الضارون لأنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى وعقابه فَإِنْ طَلَّقَها بعد الطلقتين فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ أي من بعد التطليقة الثالثة حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ أي المطلق مذهب جمهور المجتهدين أن المطلقة بالثلاث لا تحل لذلك الزوج إلا بخمس شرائط تعتد منه وتعقد للثاني ويطؤها ثم يطلقها ثم تعتد منه.

وقال سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب: تحل بمجرد العقد.

روي أن تميمة بنت عبد الرحمن القرظي كانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك القرظي فطلقها ثلاثا، فتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير القرظي- بفتح الزاي وكسر الباء- فأتت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقالت: كنت تحت رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإن ما معه مثل هدبة الثوب، وإنه أراد أن يطلقني قبل أن يمسني، أفأرجع إلى ابن عمي؟ فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة!؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»

«٢» . و «العسيلة» مجاز عن قليل


(١) رواه الدارمي في كتاب الطلاق، باب: في الخلع.
(٢) رواه البخاري في كتاب الطلاق، باب: إذا طلّقها ثلاثا ثم تزوجت امرأة بعد العدة زوجا-

<<  <  ج: ص:  >  >>