عدتها، ثم ندم، فجاء يخطبها لنفسه ورضيت المرأة بذلك، فقال لها معقل: إنه طلقك ثم تريدين مراجعته! وجهي من وجهك حرام إن راجعتيه. فأنزل الله تعالى هذه الآية فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معقلا وتلا عليه هذه الآية فقال معقل: رغم أنفي لأمر ربي اللهم رضيت وسلمت لأمرك، ثم أنكح أخته زوجها الأول عبد الله بن عاصم إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ أي بأن يرضى كل واحد منهما ما لزمه في هذا العقد لصاحبه بِالْمَعْرُوفِ أي بالجميل عند الشرع المستحسن عند الناس ذلِكَ أي تفصيل الأحكام يُوعَظُ بِهِ أي يأمر به مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لأنه المتعظ ذلِكُمْ أي العمل بالوعظ أَزْكى لَكُمْ أي أصلح وأنفع لكم وَأَطْهَرُ للقلوب من العداوة والتهمة بسبب المحبة بينهما وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فيه صلاح أموركم وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢) ذلك فدعوا رأيكم. وَالْوالِداتُ ولو مطلقات يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ من الأبوين وليس فيما دون ذلك حد وإنما هو على مقدار إصلاح المولود وما يعيش به وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ أي على الأب رِزْقُهُنَّ أي نفقتهن وَكِسْوَتُهُنَّ لأجل الإرضاع إذا كن مطلقات من الأب طلاقا بائنا لعدم بقاء علقة النكاح الموجبة لذلك فلو لم ترضعهم الوالدات لم يجب فإن كن زوجات أو رجعيات فالرزق والكسوة لحق الزوجية ولهن أجرة الرضاع إن امتنعن منه وطلبن ما ذكر بِالْمَعْرُوفِ أي بغير إسراف وتقتير لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ بالنفقة على الرضاع إِلَّا وُسْعَها أي إلا بقدر ما أعطاها الله من المال لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها أي بأخذ ولدها منها بعد ما رضيت بما أعطى غيرها على الرضاع مع شدة محبتها له وَلا مَوْلُودٌ لَهُ أي لا يضار أب بِوَلَدِهِ بطرح الولد عليه بعد ما عرف أمه، ولا يقبل ثدي غيرها مع أن الأب لا يمتنع عليها من الرزق والكسوة وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ أي على الصبي نفسه الذي هو وارث أبيه المتوفى مثل ما على الأب من النفقة والكسوة، فإنه إن كان له مال وجب أجر الرضاعة في ماله، وإن لم يكن له مال أجبرت أمه على الرضاعة ولا يجبر على نفقة الصبي إلا الولدان وهو قول مالك والشافعي. وقيل: المراد من الوارث الباقي من الأبوين أخذا من
قوله صلّى الله عليه وسلّم:«اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا واجعلهما الوارث منا»
«١» فَإِنْ أَرادا أي الوالدان فِصالًا أي فطام الصبي عن اللبن قبل تمام الحولين عَنْ تَراضٍ أي باتفاق مِنْهُما لا من أحدهما فقط وَتَشاوُرٍ أي تدقيق النظر فيما يصلح الولد فَلا جُناحَ عَلَيْهِما
(١) رواه الحاكم في المستدرك (١: ٥٢٣) ، والبخاري في الأدب المفرد (٦٥٠) ، والطبراني في المعجم الكبير (٢: ١٠٨) ، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٥٥٩) ، وعبد الرزاق في المصنف (١٩٦٦٠) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠: ١٧٨) ، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٦٢١) ، والسيوطي في جمع الجوامع (٩٨٢١) ، وأبي نعيم في حلية الأولياء (٢: ١٨٢) ، وابن حجر في الكاف والشاف في تخريج أحاديث الكشاف (٩٣) .