عليها، ويجرون إلى جهنم. وهذا الموصول صفة للموصول الأول، أو بدل منه أُوْلئِكَ أي الذين أوردوا هذه الأسئلة على سبيل التعنت شَرٌّ مَكاناً أي منزلا في الآخرة وعملا في الدنيا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤) عن الحق وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي أنزلنا التوراة على موسى بعد غرق فرعون وقومه، وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) يعينه في الدعوة وإعلاء الكلمة فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي آيات الإلهية وهي مصنوعات الله تعالى الدالة على انفراده بالملك والعبادة، أي فذهبا إليهم فأرياهم الآيات التسع كلها، وهي آيات النبوة، فكذبوها كما كذبوا الآيات الإلهية فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) أي أهلكناهم عقب ذلك التكذيب إهلاكا عجيبا وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أي نوحا ومن قبله، فإنهم اشتركوا في المجيء بالتوحيد أَغْرَقْناهُمْ.
فقال الكلبي: أمطر الله عليهم السماء أربعين يوما وأخرج ماء الأرض أيضا في تلك الأربعين فصارت الأرض بحرا واحدا وَجَعَلْناهُمْ أي وجعلنا إغراقهم لِلنَّاسِ آيَةً أي
عبرة لمن سمع قصتهم لكيلا يقتدوا بهم، وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ أي قوم نوح ومن سلك سبيلهم في تكذيب الرسل عَذاباً أَلِيماً (٣٧) هو عذاب الآخرة، وَعاداً عطف على المفعول الأول «لجعلنا» ، وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ، وهي بئر غير مطوية، ولهم وجوه.
أحدها: هم قوم يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم شعيبا فكذبوه، فبينما هم حول البئر خسف الله بهم وبديارهم.
وثانيها: أن الرس قرية بفلج اليمامة كان فيها بقايا ثمود، فبعث إليهم نبي فقتلوه، فهلكوا.
ثالثها: هم أصحاب النبي حنظلة بن صفوان ابتلاهم بطير عظيم فيها من كل لون سمي بالعنقاء فتخطف صبيانهم، وعروسا فدعا عليها حنظلة فأصابتهم الصاعقة، ثم إنهم قتلوا حنظلة عليه السلام فأهلكوا.
ورابعها: أن الرس بئر في أنطاكية كذبوا حبيبا النجار وقتلوه، فدسوه في البئر.
وخامسها: عن علي رضي الله عنه أنهم كانوا قوما يعبدون شجر الصنوبر وإنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوها في الأرض بينهم.
وسادسها: هم قوم كانت لهم قرى على شاطئ نهر يقال له: الرس من بلاد المشرق فبعث الله إليهم نبيا من ولد يهوذا بن يعقوب، فكذبوه، فلبث فيهم، فشكا إلى الله تعالى منهم فحفروا بئرا ورسوه فيها، فأرسل الله تعالى ريحا عاصفة شديدة الحمرة، فصارت الأرض من تحتهم حجر كبريت متوقد، وأظلتهم سحابة سوداء، فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص. وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) أي أقواما كثيرا بين الطوائف المذكورة وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ أي كل قرن بينا له القصص العجيبة الزاجرة عن الكفر والمعاصي بواسطة الرسل وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩) أي كل