عشر على عدد أهل بدر وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) أي هو عالم بمن ظلم نفسه حين خالف ربه ولم يف بما قبل من ربه وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ أي لأجل سؤالكم طالُوتَ مَلِكاً أي لما سأل الله تعالى أن يبين لهم ملكا أرسل الله له عصا وقرنا فيه دهن القدس وقيل له: إن صاحبك الذي يكون ملكا هو من يكون طوله طول هذه العصا، وانظر إلى القرن الذي فيه الدهن فإذا دخل عليك رجل فانتشر الدهن في القرن فهو ملك بني إسرائيل فادهن رأسه بالدهن وملّكه عليهم واسمه طالوت.
فدخل عليه رجل فانتشر الدهن في القرن فقام شمويل فقاسه بالعصا فكان على طولها وقال له: قرّب رأسك، فقربه فدهنه النبي بدهن القدس وقال له:
«أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله أن أملكك عليهم» . فقال طالوت: أما علمت أن سبطي أدنى من سبط ملوك بني إسرائيل؟ قال: بلى. فقال شمويل الله يؤتي ملكه من يشاء كما قال الله تعالى: قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ أي قالوا: من أين يكون له الملك علينا والحال نحن أولى بالملك منه، وليس له سعة المال لينفق على الجيش؟. وإنما قالوا ذلك لأنه كان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة وسبط مملكة. فكان سبط النبوة سبط لاوى بن يعقوب ومنه موسى وهارون عليهما السلام. وسبط المملكة سبط يهوذا بن يعقوب ومنه داود وسليمان عليهما السلام. ولم يكن طالوت من أحدهما وإنما كان من سبط بنيامين بن يعقوب، فلما قال لهم نبيهم ذلك أنكروا وقالوا: هو دبّاغ، أو راع، أو سقّاء يستقي الماء على حمار له وإنما نزع الملك والنبوة منهم لأنهم عملوا ذنبا عظيما كانوا ينكحون النساء على ظهر الطريق جهارا فغضب الله عليهم بنزع ذلك منهم وكانوا يسمون سبط الإثم.
قالَ أي نبيهم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ أي اختاره بالملك عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً أي سعة فِي الْعِلْمِ أي علم الحرب وعلم الديانات حتى قيل: إنه نبي أوحي إليه وَالْجِسْمِ بالقوة على مبارزة العدو، وبالجمال وبطول القامة فإنه أطول من غيره برأسه ومنكبيه فكان أعلم بني إسرائيل يومئذ وأجملهم وأتمهم خلقا وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ في الدنيا وَاللَّهُ واسِعٌ بالعطية عَلِيمٌ (٢٤٧) بمن يليق بالملك وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ لما قالوا: ليس ملكه من الله بل أنت ملّكته علينا: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أي إن علامة صحة ملكه من الله أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ أي الصندوق الذي أخذ منكم وهو صندوق التوراة وكانوا يعرفونه، وكان قد رفعه الله تعالى بعد وفاة موسى عليه السلام لسخطه على بني إسرائيل لما عصوا وفسدوا، فلما طلب القوم من نبيهم آية تدل على ملك طالوت قال نبي ذلك القوم: إن آية ملك طالوت أن يأتيكم التابوت من السماء إلى الأرض والملائكة يحفظونه فأتاهم والقوم ينظرون إليه حتى نزل عند طالوت. فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي كان في التابوت بشارات من كتب الله تعالى المنزلة على موسى وهارون ومن بعدهما من الأنبياء عليهم السلام بأن الله ينصر طالوت وجنوده ويزيل عنهم الخوف من العدو