ظالما، فكيف من كذب صادقا لا يجوز عليه الكذب؟ فإذا ليس أحد أظلم ممن يكذب على الله بالشرك، ويكذب الله في تصديقه نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ويكذب النبي في رسالة ربه، ويكذب القرآن المنزّل من الله إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) أي ألا يستحقون الإقامة في جهنم، وقد فعلوا افتراء على الله تعالى، وتكذيبا بالحق الصريح أو يقال: ألم يعلموا أن في جهنم منزلا للكافرين حتى اجترءوا هذه الجراءة وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا، أي والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينّهم سبل ثوابنا. ويقال: والذين نظروا في دلائلنا لنحصل فيهم العلم بنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩) أي لمعينهم في القول والفعل بالتوفيق والعصمة.
وهذا إشارة إلى درجة أعلى من الاستدلال كأن الله تعالى يقول: من الناس من يكون بعيدا لا يتقرب- وهم الكفار- ومنهم من يتقرب بالنظر والسلوك فيهديهم الله تعالى ويقربهم، ومنهم من يكون الله معه ويكون قريبا منه تعالى يعلم الأشياء منه تعالى ولا يعلمه من الأشياء فقوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ إشارة إلى الأول. وقوله: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا إشارة إلى الثاني.
وقوله: وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ إشارة إلى الثالث.