عليه المصائب. اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها أي الله يقبض الأرواح من الأبدان حين موت أجسادها بخلق الموت، وإزالة الحس بالكلية، ويقبض الأرواح التي لم تمت حين تنام بإزالة الإدراك وخلق الغفلة في محل الإدراك، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ فلا يردها إلى البدن.
وقرأ حمزة والكسائي «قضى» على البناء للمفعول ورفع الموت، وَيُرْسِلُ الْأُخْرى أي يزيل الحابس عن النائمة، فتعود عند التيقظ كما كانت إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو وقت النفخة الثانية في الممسوكة، ووقت الموت في المرسلة، فالجار والمجرور متعلق بكل من «يمسك» و «يرسل» .
قال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
وقال علي رضي الله عنه: فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها فهي الرؤيا الكاذبة، لأنها من إلقاء الشيطان. إِنَّ فِي ذلِكَ أي التوفي على الوجهين والإمساك في أحدهما والإرسال في الآخر لَآياتٍ عجيبة دالة على كمال قدرته تعالى وحكمته وشمول رحمته، لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) في كيفية تعلق الأرواح بالأبدان، وقبضها عنها تارة بالكلية كما عند الموت، وحبسها عن التصرف تارة أخرى كما عند النوم، وإزالة حبسها عنه حينا بعد حين إلى انقضاء آجالها، أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ أي إن الكفار قالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين، فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله تعالى، فأجاب الله تعالى بقوله: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ تشفع لهم عنده تعالى قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) أي قل لهم أيشفعون في حال كونهم لا يملكون شيئا من الأشياء، وفي حال كونهم لا يعقلونه؟ قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً أي أن هؤلاء الكفار إما أن يطمعوا في تلك الشفاعة من هذه الأصنام، أو من أولئك العلماء الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لهم، فهذه الأصنام لا تملك شيئا ولا تعقله، فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها ولا يملك أحد من العلماء وغيرهم شيئا؟ ولا يقدر أحد على الشفاعة إلّا بإذن الله؟! فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله لأنه الذي يأذن في الشفاعة، فكان الاشتغال بعبادته أولى من الاشتغال بعبادة غيره. لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي له ملكها، وما فيهما من المخلوقات، لا يملك أحد أن يتكلم في أمر من أموره بدون إذنه تعالى ورضاه، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) يوم القيامة فيفعل يومئذ ما يريد وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ