للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُهُ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ فَلَا تَنْقَطِعُ بِدُونِ الْحِيَازَةِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَيَدْخُلُ فِي الْكَلَأِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ مَا تَرْعَاهُ الْمَوَاشِي رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا بِخِلَافِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ وَالْأَشْجَارُ لَهَا سَاقٌ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى جَازَ بَيْعُهَا إذَا نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِالنَّبَاتِ فِيهَا وَالْكَمْأَةُ كَالْكَلَأِ وَلِذَا لَهُمْ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِضَوْءِ النَّارِ وَالِاصْطِلَاءِ بِهَا وَالْإِيقَادِ مِنْ لَهِيبِهَا بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهَا وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْجَمْرِ شَيْئًا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ.

قَالَ (وَالنَّحْلِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مُحْرَزًا؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْحِمَارِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالزُّنْبُورِ وَهَوَامِّ الْأَرْضِ وَالِانْتِفَاعُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَا بِعَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ مُنْتَفِعًا بِهِ وَالشَّيْءُ إنَّمَا يَصِيرُ مَالًا لِكَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ مَعَ الْكِوَارَةِ صَحَّ تَبَعًا لَهَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْعَسَلِ، وَقَالَ الشَّيْءُ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ مِنْ حُقُوقِهِ كَالشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ.

قَالَ (وَيُبَاعُ دُودُ الْقَزِّ وَبَيْضُهُ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الدُّودِ وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي بَيْضِهِ وَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا مَعَهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدُّودَ مِنْ الْهَوَامِّ وَبَيْضُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَأَشْبَهَ الْخَنَافِسَ وَالْوَزَغَاتِ وَبَيْضِهَا وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الدُّودَ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَا بَيْضُهُ فِي الْمَآلِ فَصَارَ كَالْجَحْشِ وَالْمَهْرِ وَلِأَنَّ النَّاسَ قَدْ تَعَامَلُوهُ فَمَسَّتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَصَارَ كَالِاسْتِصْنَاعِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِمَا ذَكَرْنَا.

قَالَ (وَالْآبِقِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَ دُودِ الْقَزِّ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَهُوَ شَرْطٌ لِجَوَازِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةٍ لِثُبُوتِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ عَوْدُهُ إلَى مَوْلَاهُ وَلَا كَذَلِكَ الْآبِقُ وَلَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ عِنْدَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الْآبِقِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ آبِقًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهَذَا لَيْسَ بِآبِقٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي إذْ هُوَ فِي يَدِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ الْمُطْلَقُ إذْ هُوَ لَيْسَ بِعَاجِزٍ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَهُوَ الْمَانِعُ ثُمَّ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ قَبْضَهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَلَكِنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ) قَائِلُهُ الْقُدُورِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا تَنْقَطِعُ بِدُونِ الْحِيَازَةِ) أَيْ وَسَوْقُ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ لَيْسَ بِحِيَازَةٍ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: يَنْبَغِي أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ يَمْلِكُ بِنَاءَهَا وَيَكُونُ بِتَكَلُّفِهِ الْحَفْرَ وَالطَّيَّ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ كَمَا يَمْلِكُ الْكَلَأَ بِتَكَلُّفِهِ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ لِيَنْبُتَ فَلَهُ مَنْعُ الْمُسْتَقِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ. اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مُحْرَزًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَبِهِ يُفْتَى، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ تَبَعًا لِلْكُوَّارَاتِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَ فِي كُوَّارَاتِهَا عَسَلٌ فَاشْتَرَى الْكُوَّارَاتِ بِمَا فِيهَا جَازَ. اهـ. عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ بَاعَهُ مَعَ الْكُوَّارَةِ صَحَّ) الْكُوَّارَاتُ مَعْسَلُ النَّحْلِ إذَا سُوِّيَ مِنْ طِينٍ وَهِيَ بِضَمِّ الْكَافِ وَالتَّشْدِيدِ كَذَا رَأَيْت فِي أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ بِتَصْحِيحِ الْمُطَرِّزِيُّ وَرُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ أَيْضًا فِي التَّهْذِيبِ وَرُوِيَ أَيْضًا كِوَارٌ وَكِوَارَةٌ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ فِيهِمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْعَسَلِ)، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ أَيْضًا وَأَجْمَعُوا أَنَّ بَيْعَ هَوَامِّ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ وَالْوَزَغُ وَالْعَظَايَةُ وَالْقَنَافِذُ وَالْجُعَلُ وَالضَّبُّ وَهَوَامُّ الْأَرْضِ كُلُّهَا، وَقَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الضَّفَادِعِ وَالسَّرَطَانِ وَالسَّلَاحِفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا السَّمَكَ، وَقَالَ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إذَا كَانَ الدُّودُ مِنْ وَاحِدٍ وَوَرَقُ التُّوتِ مِنْهُ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْقَزُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْبَيْضُ مِنْهُمَا وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ امْرَأَةٌ أَعْطَتْ بَذْرَ الْقَزِّ وَهُوَ بَذْرُ الْفَيْلَقِ بِالنِّصْفِ امْرَأَةً فَقَامَتْ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْفَيْلَقُ لِصَاحِبَةِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ مِنْ بَذْرِهَا وَلَهَا عَلَى صَاحِبَةِ الْبَذْرِ قِيمَةُ الْأَوْرَاقِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الْبَقَرَ إلَى إنْسَانٍ بِالْعَلَفِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ بَيْنَهُمَا بِالنِّصْفِ فَالْحَادِثُ كُلُّهُ حَدِيثَةُ الْبَقَرِ وَلَهُ عَلَى صَاحِبِ الْبَقَرِ ثَمَنُ الْعَلَفِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا إذَا دَفَعَ الدَّجَاجَةَ لِيَكُونَ الْبَيْضُ بِالنِّصْفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الدُّودِ) أَيْ إلَّا إذَا ظَهَرَ فِيهِ الْقَزُّ فَيُجِيزُهُ تَبَعًا لِلْقَزِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا مَعَهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ أَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي دُودِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ لِلتَّعَامُلِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْآبِقِ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَصُورَتُهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَبْدٍ لِرَجُلٍ أَبَقَ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى مَوْلَاهُ فَقَالَ إنَّ عَبْدَك قَدْ أَخَذْته وَهُوَ عِنْدِي فِي الْبَيْتِ فَبِعْنِيهِ فَبَاعَهُ مِنْهُ قَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَ أَخَذَهُ هَذَا الرَّجُلُ وَهُوَ عِنْدَهُ فَبِعْهُ مِنِّي فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ بِمَا قَالَ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى مِنْهُ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَتِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُرْسَلُ فِي حَاجَتِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ الْمُطْلَقُ) أَيْ لِأَنَّ النَّصَّ الْمُطْلَقَ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُقَيَّدَ وَلِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُولٌ بِعِلَّةِ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي زَالَ الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَرُدَّهُ) أَيْ حَتَّى إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْأَمَانَةَ لِكَوْنِهِ أَدْنَى حَالًا لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>